البخلاء للجاحظ (صفحة 178)

معارض يوهمني أنه أتاني من جهة الحزم ومن قبل العقل، فقال: أول ذلك الغرم الذي يكون في الماء والصابون. والجارية إذا ازدادت عناء، ازدادت أكلا.

والصابون نورة «1» ، والنورة تأكل الثوب وتبلي الخزّ «2» ، ولا يزال الثوب على خطر حتى يسلم الى القصر والدق. ثم إذا ألقى على الرّسن «3» ، فهو بعرض الجذبة والنترة والعلق «4» . ولا بد من الجلوس يومئذ في البيت. ومتى جلست في البيت، فتحوا علينا أبوابا من النفقة وأبوابا من الشهوات. والثياب لا بد لها من دقّ، فإنّ نحن دققناها في المنزل قطعناها، وإن نحن أسلمناها الى القصار «5» فغرم على غرم، وعلى أنه ربما أنزل بها من المكروه ما هو أشدّ. وما جلست في المنزل قط إلا أرجف بي الغرماء «6» ، وادّعوا عليّ الأمراض والأحداث، وفي ذلك لهم فساد والتواء وطمع لم يكن عندهم. فإذا أنا لبستها، وقد ابيضّت وحسنت وجفّت وطابت، تبيّنت عند ذلك وسخ جسدي وكثرة شعري، وقد كان بعض ذلك موصولا ببعض، ففرّقته، فاستبان لي ما لم يكن يستبين، واكترثت لما لم أكن أكترث له. فيصير ذلك مدعاة «7» الى دخول الحمّام. فإن دخلته فغرم ثقيل، مع المخاطرة بالثياب، ولي امرأة جميلة شابة، إذا رأتني قد اطليت «8» وغسلت رأسي وبيّضت ثوبي، عارضتني بالتطيّب وبلبس أحسن ثيابها، وتعرضت لي، وأنا فحل، والفحل إذا هاج لم يرد رأسه شيء. فإذا أردت مواقعتها، ورأت حرصي نثرت عليّ الحوائج نثرا. ثم احتجنا إلى تسخين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015