وما اختيار شراء الرؤوس يوم السبت، فإن القصّابين يذبحون يوم الجمعة أكثر، فتكثر الرؤوس يوم السبت على قدر للفضل فيما يذبحون، ولأن العوام والتجار والصنّاع لا يقرمون «1» إلى أكل الرؤوس يوم السبت، مع قرب عهدهم بأكل اللحم يوم الجمعة، ولأن عامّتهم قد بقيت عنده فضلة، فهي تمنعه من الشهوة. ولأن الناس لا يكادون يجمعون على خوان واحد بين الرؤوس واللحم.
وأما اختلاط التدبير عليه في فرق ما بين الشتاء والصيف، فوجه ذلك أن العلل كانت تتصوّر له، وتعرض له الدواعي على قدر قرمه وحركة شهوته، صيفا وافق ذلك أم شتاء. فإن اللحم في الصيف أرخص، والرؤوس تابعة للحم، ولأن الناس في الشتاء لها آكل، وهم لها في القيظ «2» أترك. فكان يختار الرخص على حسن الموقع. فإذا قويت دواعيها في الشتاء، قال: «رأس واحد شتوي كرأسين صيفيين، لأن المعلوفة غير الراعية، وما أكل الكسب في الحبس موثقا، غير ما أكل الحشيش في الصحراء مطلقا» . وكان على ثقة أنه سيأتي عليه في الشتاء مع صحته وبدنه، وفي شك من استبقائه في الصيف، لنقصان شهوات الناس للرؤوس في الصيف، فكان يخاف جريرة تلك البقية وجناية تلك الفضلة. وكان يقول إن أكلتها بعد الشبع لم آمن العطب «3» وإن تركتها لهم في الصيف، ولم يعرفوا العلة، طلبوا ذلك مني في الشتاء!.
حدثني المكّي «4» قال: كنت يوما عند العنبريّ، إذا جاءت جارية