ولم تكن البسملة قبل الإسلام، فكانوا يكتبون: باسمك اللهم، حتى نزلت بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها فكتبوا بِسْمِ اللَّهِ حتى نزل: ... أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ فكتبوا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ حتى نزل: ... وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، فكتبوها.
وحذفت الألف لكثرة الاستعمال، والباء متعلقة بمحذوف، اسم عند البصريين، أي: ابتدائى كائن بسم الله، فموضعها رفع. وفعل عند الكوفيين، أي: أبدأ أو أتلو. فيقدّر كل واحد ما جعلت البسملة مبدأ له، فموضعها نصب، ويقدر مؤخرا لإفادة الحصر والاختصاص. وهو مشتق من السّموّ عند البصريين، فلامه محذوفة، وعند الكوفيين من السّمة، أي: العلامة، ففاؤه محذوفة، ودليل البصريين: التصغير والتكسير، فقالوا: أسماء، ولم يقولوا أوسام، وقالوا:
سمى، ولم يقولوا: وسيم.
و (الله) علم على الذات الواجبة الوجود، المستحق لجميع المحامد، وهل هو مشتق أو مرتجل؟ قولان يأتى الكلام عليهما فى (الحمد لله) ، وكذلك (الرحمن الرحيم) .
قال الحق جل جلاله:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (?) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)
قلت: (الحمد) مبتدأ، و (لله) خبر، وأصله النصب، وقرئ به، والأصل: أحمد الله حمداً، وإنما عدل عنه إلى الرفع ليدل على عموم الحمد وثباته، دون تجدده وحدوثه، وفيه تعليم اللفظ مع تعريض الاستغناء. أي: الحمد لله وإن لم تحمدوه. ولو قال (أحمد الله) لما أفاد هذا المعنى، وهو من المصادر التي تُنْصَب بأفعال مضمرة لا تكاد تذكر معها. والتعريف للجنس أي: للحقيقة من حيث هي، من غير قيد شيوعها، ومعناه: الإشارة إلى ما يَعْرِفه كل أحد أن الحمد ما هو. أو للاستغراق إذ الحمد في الحقيقة كُلُّه لله إذ ما من خير إلا وهو مُولِيهِ بواسطة وبغير واسطة. كما قال: وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وقيل: للعهد، والمعهودُ حمدُه تعالى نفسه في أزله.
وقُرِئ (الحمد لله) بإتباع الدال للام «1» ، وبالعكس «2» ، تنزيلاً لهما من حيث إنهما يستعملان معاً منزلة كلمة واحدة.
ومعناه في اللغة: الثناءُ بالجميل على قصد التعظيم والتبجيل، وفي العُرف: فعل يُنبئ عن تعظيم المُنعم بسبب كونه منعماً. والشكر في اللغة: فعل يُشعر بتعظيم المنعم، فهو مرادف للحمد العرفي، وفي العرف: صرف