يقول الحق جلّ جلاله: {إِذا السماءُ انشقتْ} أي: تشقّقت أبواباً لنزول الملائكة في الغمام، أو: انشقت وطُويت كطي السجل للكتاب، {وأَذِنَتْ لربها} أي: استمعت، وفي الحديث: " ما أَذِنَ اللهُ لشيءٍ إذنه لنبيٍّ يتغَنَّى بالقرآن " أي: ما استمع، أي: انقادت وأذعنت لتأثير قدرته تعالى حين تعلّقت إرادته بانشقاقها، ولم تأبَ ولم تمتنع، {وحُقَّتْ} أي: وحقَّ لها أن تسمع وتطيع لأمر ربها، إذ هي مصنوعة مربوبة لله تعالى.
{وإِذا الأرضُ مُدَّتْ} ؛ بُسطت وسُويت باندكاك جبالها وكِّل أمتٍ فيها حتى تصير كالصحفية الملساء، عن أبن عباس: تُمدّ مَدَّ الأديم العُكاظي، منسوب إلى عكاظ سوق بين نخلة والطائف، كانت تعمره الجاهلية في ذي القعدة، عشرين يوماً، تجمع فيه قبائل العرب، فيتعاكظون، أي: يتغامزون ويتناشدون، قاله في القاموس. {وألقتْ ما فيها} أي: رمت ما في جوفها من الموتى والكنوز، كقوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا} [الزلزلة: 2] . {وتخلتْ} منها فلم يبقَ في جوفها شيء، وذلك ما يُؤذن بعِظَم الأمر، كما تلقي الحامل ما في بطنها قبل الوضع. {وأَذِنَتْ لربها} أي: استمعت في إلقاء ما في بطنها، وتخليتها عنه، {وحُقتْ} أي: وهي حقيقة بأن تنقاد لربها ولا تمتنع، ولكن لا بُعد إن لم تكن كذلك، بل في نفسها وحَد ذَاتِها، من قولهم: هو محقوق بكذا، أو حقيق به، والمعنى: انقادت لربها وهي حقيقة بذلك مِن ذاتها، وكذلك يقال في انشقاق السماء. انظر أبا السعود. وجواب (إذا) محذوف، ليذهب المقدِّر كلَّ مذهب، أي: كان من الأمر