إذا قسا القلبُ لم تنفعه موعظةٌ
كالأرض إن سبختْ لم ينفع المطرُ
اعلموا أن الله يُحيي أرض القلوب بالعلم والمعرفة، بعد موتها بالغفلة والجهل، قد بيَّنَّا الآيات لمَن يتدبّر ويعقل.
قلت: {المصدقين} مَن قرأ بالتشديد فيهما فاسم فاعل، من: تصدّق، أدغمت التاء في الصاد، ومَن قرأ بتخفيف الصاد فاسم فاعل صدّق. و {أقرضوا} : عطف على الصلة، أي: إن الذين تصدّقوا وأقرضوا.
يقول الحق جلّ جلاله: {إِنَّ المصدِّقين والمصدِّقات} أي: المتصدقين بأموالهم والمتصدقات أو: المصدقين بالله ورسوله والمصدقات، {وأقرضوا اللهَ قرضاً حسناً} وهو أن تتصدّق من كسبٍ طيبٍ، بقلب طيب، {يُضاعف لهم} بأضعاف كثيرة إلى سبعمائة، {ولهم أجرٌ كريمٌ} الجنة وما فيها.
وقد ورد في الصدقات أحاديث، منها: أنها تدفع سَبعينَ باباً من السوء، وتزيد البركة في العمر. رُوي أن شابّاً وشابة دخلا على سليمان عليه السلام فعقد لهما النكاح، وخرجا من عنده مسرورين، وحضر ملك الموت، فقال: لا تعجب من سرورهما، فقد أُمرت أن أقبض روح هذا الشاب بعد خمسة أيام، فجعل سليمانُ يراعي حالَ الشاب، حتى ذهبت ستة أيام، ثم خمسة أشهر، فعجب من ذلك، فدخل عليه ملك الموت، فسأله عن ذلك، فقال: إني أُمرت أن أقبض روحه كما ذكرتُ لك، فلما خرج من عندك لقيه سائل، فدفع له درهماً، فدعا له بالبقاء، فأُمرت بتأخير الأمر عنه ببركة صدقته. هـ. وانظر عند قوله: {يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَآءُ} [الرعد: 38] ، ومثله قضية الرجل الذي آذى جيرانَه، فدعا موسى عليه السلام عليه، ثم تصدَّق صبيحة اليوم برغيف، فنزل الثعبان، فلقيته الصدقة فسقط ميتاً على حزمة حطبه.
{والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصدّيقون} المبالغون في التصديق، أو الصدق، وهو أولى؛ لأنّ وزن المبالغة لا يساغ من غير الثلاثي في الأكثر إلا نادراً،