وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عادا الْأُولى، وهم قوم هود، وعاد الأخرى: عاد إرم، وقيل: معنى الأولى [العدمي] (?) لأنهم أولى الأمم هلاكاً بعد قوم نوح، وقال الطبري وغيره: سميت «أُولى» لأن ثُمَّ عاداً آخرة، وهي قبيلة كانت بمكة مع العماليق، وهم بنوا لُقَيم بن هَزّال. والله أعلم. هـ (?) . قلت: والتحقيق: أن عاداً الأولى هي عاد إرم، وهي قبيلة هود التي هلكت بالريح، ثم بقيت منهم بقايا، فكثروا وعمّروا بعدهم، فقيل لهم عاد الأخيرة، وانظر أبا السعود في سورة الفجر. (?) وهاهنا قراءات، وجَّهناها في كتاب الدرر (?) .
وَثَمُودَ (?) أي: وأهلك ثموداً، وهم قوم صالح، فَما أَبْقى أحدا منهم، وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ وأهلك قوم نوح من قبل عاد وثمود، إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى مِن عاد وثمود لأنهم كانوا يضربونه حتى لا يكون به حِراك، وينفرون منه حتى كانوا يُحذّرون صبيانهم أن يسمعوا منه، وَالْمُؤْتَفِكَةَ أي: والقرى التي ائتفكت، أي: انقلبت بأهلها، وهم قوم لوط. يقال: أَفَكه فائتفك، أي: قَلَبَه فانقلب، (والمؤتفكة) منصوب ب أَهْوى أي: رفعها إلى السماء على جناح جبريل، ثم أهواها إلى الأرض، أي: أسقطها، فَغَشَّاها ألبسها من فنون العذاب ما غَشَّى، وفيه تهويل لما صبَّ عليها من العذاب، وأمطر عليها من الصخر المنضود.
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ أيها المخاطب تَتَمارى أي: تتشكك؟، أي: فبأي نِعَمٍ من نعم مولاك تحجد ولا تشكر؟ فكم أولاك من النِعم، ودفع عنك من النِقم، وتسمية الأمور المتعددة قبلُ نِعماً مع أن بعضها نقم لأنها أيضاً نِعَم من حيث إنها نصرة الأنبياء والمرسَلين، وعظة وعبرة للمعتبرين. هذا نَذِيرٌ أي: محمد مُنذِّر مِنَ النُّذُرِ الْأُولى من المنذِّرين الأولين، وقال: «الأُولى» على تأويل الجماعة، أو: هذا القرآن نذير من النذر الأولى، أي: إنذار من جنس الإنذارات الأولى التي إنذِر بها من قبلكم.