المقبولين والمردودين. هـ. وقوله: أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا ... إلى قوله: عَمَّا يُشْرِكُونَ هذه صفة أهل الانتقاد على أهل الخصوصية في كل زمان، وهي تدلّ على غاية حمقهم وسفههم، نجانا الله من جميع ذلك.
ثم هددهم بعد تبيين عنادهم، فقال:
وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ (44) فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (45) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (46) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (47)
يقول الحق جلّ جلاله: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً قطعة مِنَ السَّماءِ ساقِطاً عليهم لتعذيبهم، يَقُولُوا من فرط طغيانهم وعنادهم: هذا سَحابٌ مَرْكُومٌ أي: تَرَاكَم بعضها على بعض لمطرنا، ولم يُصدقوا أنه ساقط عليهم لعذابهم، يعني: أنهم بلغوا من الطغيان بحيث لو أسقطناه عليهم حسبما قالوا: أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً «1» لعاندوا وقالوا سحاب مركوم. فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ «2» ، وهو اليوم الذي صُعقوا فيه بالقتل يوم بدر، لا عند النفخة الأولى، كما قيل إذ لا يصعق بها إلا من كان حيا حينئذ «3» . وقرأ عاصم والشامي بضم الياء، يقال: صعقه، فصُعق، أو: من أصعقه.
يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً من الإغناء، بدل من «يومهم» ولا يخفى أن التعرُّض لبيان عدم نفع كيدهم يستدعي استعمالهم له في الانتفاع به، وليس ذلك إلا ما دبّروه في أمره صلّى الله عليه وسلم من الكيد يوم بدر، من