عباده، وفي الحديث: «لا تتبعوا عورات المسلمين فإنَّ مَن تتبَّع عورات المسلمين تتبَّع الله عورته حتى يفضحه ولو في جوف بيته» (?) .

قال ابن عرفة: مَن هو مستور الحال فلا يحلّ التجسُّس عليه، ومَن اشتهر بشرب خمر ونحوه فالتجسُّس عليه مطلوب أو واجب. هـ. قلت: معناه: التجسُّس عليه بالشم ونحوه ليُقام عليه الحد، لا دخول داره لينظر ما فيها من الخمر ونحوه، فإنه منهي عنه، وأمّا فعل عمر- رضي الله عنه- فحالٌ غالبة، يقتصر عليها في محلها. وانظر الثعلبي، فقد ذكر عن عمر رضي الله عنه أنه فعل من ذلك أموراً، ومجملها ما ذكرنا.

وقرئ بالحاء (?) ، من «الحس» الذي هو أثر الجس وغايته، وقيل: التجسُّس- بالجيم- يكون بالسؤال، وبالحاء يكون بالاطلاع والنظر، وفي الإحياء: التجسُّس- أي: بالجيم- في تطلُّع الأخبار، والتحسُّس بالمراقبة بالعين. هـ.

وقال بعضهم: التجسُّس- بالجيم- في الشر، وبالحاء في الخير، وقد يتداخلان.

والحاصل: أنه يجب ترك البحث عن أخبار الناس، والتماس المعاذر، حتى يُحسن الظن بالجميع، فإنَّ التجسُّس هو السبب في الوقوع في الغيبة، ولذلك قدَّمه الحق- تعالى- على النهي عن الغيبة، حيث قال: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أي: لا يذكر بعضُكم بعضاً بسوء. فالغيبة: الذكرُ بالعيب في ظهر الغيب، من الاغتياب، كالغِيْلَةِ من الاغتيال. وسئل صلّى الله عليه وسلم عن الغيبة، فقال: «ذِكْرُك أخاك بما يكره، فإن كان فيه فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بَهَتَّه» (?) .

وعن معاذ: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذَكَر القومُ رجلاً، فقالوا: لا يأكل إلا إذا أُطعم، ولا يرحل إلا إذا رُحِّل، فما أضعفه! فقال عليه السلام: «اغتبتم أخاكم» ، فقالوا: يا رسول الله، أوَ غيبة أن يُحدَّث بما فيه؟ قال: «فَحَسْبُكم غيبةً أن تُحدِّثوا عن أخيكم بما فيه» (?) . قال أبو هريرة: قام رجل من عند النبي صلى الله عليه وسلم فرأَوْا في قيامه عَجْزاً، فقالوا: يا رسول الله، ما أعجز فلاناً! فقال عليه السلام: «أَكَلْتُم لحْمَ أخيكم واغتبتموه» » .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015