الحق الثامن: التخفيف وترك التكليف والتكلُّف، فلا تُكلف أخاك ما يشق عليه بل تُرَوح سره عن مهماتك وحاجاتك، وترفهُه عن أن تحمّله شيئاً من أعبائك، ولا تكلفه التواضع لك، والتفقُّد والقيام بحقوقك، بل ما تقصد بمحبته إلا الله تعالى. هـ. باختصار «1» .

وفي وصية القطب ابن مشيش، لأبي الحسن- رضي الله عنهما-: لا تصحب مَن يُؤثر نفسه عليك، فإنه لئيم ولا مَن يُؤثرك على نفسه، فإنه قلما يدوم واصحب مَن إذا ذكر ذكر الله، فالله يغني به إذا شهد، وينوب عنه إذا فُقِدْ، ذكره نور القلوب، ومشاهدته مفاتح الغيوب. ومعنى كلام الشيخ: لا تصحب مَن يبخل عنك بما عنده من العلوم، ولا مَن يتكلّف لك، فإنه لا يدوم، وهذه صحبة الشيخوخة.

وقال صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الأَخَوَيْنِ كَمَثَلِ اليَدَيْنِ، يَغْسِلُ إِحداهُما الأُخرى، وكَمَثَلِ البُنْيَان يَشُدُّ بَعْضُه بعضاً» «2» . وفي معناه قيل:

إِنَّ أخَاكَ الحقَّ مَن كَانَ مَعَك ... وَمَن يَضُرُّ نَفْسَه لِيَنْفَعَك

وَمَنْ إِذا رَأَى زَمَاناً صَدَّعَكَ ... شَتَّتَ فِيكَ شَمْلَهُ لِيَجْمَعَك

وهذا في حق الإخوان، والله تعالى أعلم.

ثم ذكر تعالى أضداد هؤلاء، فقال:

[سورة الزخرف (43) : الآيات 74 الى 80]

إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ (74) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (76) وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (78)

أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (79) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80)

قلت: (خالدون) : خبر «إن» ، و (في عذاب) : معمول الخبر، أو: خبر، و «خالدون» خبر بعد خبر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015