وفي الحديث: «المَرْءُ عَلَى دينِ خَليله» وسيأتي، في الإشارة بقية الكلام على المتحابين في الله.

ويقال لهم حينئذ، تشريفاً لهم، وتطييبا لقلوبهم: يا عِبادِ (?) لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ، ثم وصفهم أو مدحهم بقوله: الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا صدّقوا بآياتنا التنزيلية، وَكانُوا مُسْلِمِينَ منقادين لأحكامنا، مخلصين وجوههم لنا، وعن مقاتل: «إذا بعث الله الناس، فزع كل أحد، فينادي منادٍ: يا عبادي، لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون، فيرجوها النّاس كلهم، فيتبعها الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين، فيُنكِّس أهل الأديان الباطلة رؤوسَهم» (?) ، ثم يقول لهم: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ نساؤكم المؤمنات تُحْبَرُونَ تُسرّون سروراً يظهر حُباره- أي: أثره- على وجوهكم أو: تُزَينون، من: الحبرة وهو حسن الهيئة، أو: تُكرَمون إكراماً بليغاً، وتتنعمون بأنواع النعيم. والحبرة: المبالغة فيما وصف بجميل وتقدّم في قوله: فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (?) أنه السماع.

يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ أي: بعد دخولهم الجنة حسبما أمروا به وَأَكْوابٍ من ذهب حذف لدلالة ما قبله. والصِحَاف: جمع صحفة، قيل: هي كالقصعة، وقيل: أعظم القصاع، فهي ثلاث: الجفنة، ثم القصعة، ثم الصحفة، والأكواب: جمع كوب، وهو كوز مستدير لا عروة له.

وفي حديث أبي هريرة، عنه صلّى الله عليه وسلم: قال: «أدنى أهْلُ الجنةِ مَن له سَبْعُ درجاتٍ، هو على السادسة، وفوقه السابعة، وإنّ له ثَلاَثَمائةِ خادمٍ، ويُغدى عليه ويُراح بثلاثمائة صَحفةٍ من ذَهبٍ، في كلِّ صَحْفَةٍ لونٌ ليس في الأخرى مثله، وإنه ليلذ آخره كما يلذّ أَوله، ويقول: لَوْ أَذِنْتَ لي يا رب لأطْعَمْتُ أهلَ الجنةِ، وأسقيتهم، ولا ينقص مما عندي شيء، وإنَّ لَه من الحور العِين لاثنين وسبعين زوجة، سوى أزواجه في الدنيا، وإن الواحدة منهن ليأخذَ مِقعدُها قَدرَ ميل» (?) . وفي حديث عكرمة: «إن أدنى أهل الجنة منزلة من يُفسح له في بصره مسيرة مائة عام، في قصور من ذهب، وخيام من لؤلؤٍ، وليس منها موضع شبر إلا معمور، يُغدى عليه ويُراح بسبعين ألف صحفة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015