أبي بكر، فقوله: الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وإنما جعلنا هذه صفات أبي بكر، وإن كان جميعهم متصفاً بها، لأن أبا بكر كانت له مزية فيها لم تكن لغيره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو وُزن إيمان أبي بكر بإيمان الأمة لرجح» (?) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا مدينة الإيمان، وأبو بكر بابها» . وقال أبو بكر: «لو كُشف الغطاء ما ازددت يقيناً» . والتوكل إنما يقوى بقوة الإيمان.

وأما صفات عمر: فقوله وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ لأن ذلك هو التقوى، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«أنا مدينة التقوى وعُمَر بابها» وقوله: وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ، وقوله: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ نزلت في عمر. وأما صفات عثمان فقوله: وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ لأن عثمان لمّا دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام بادر إليه، وقوله: وَأَقامُوا الصَّلاةَ لأن عثمان كان كثير الصلاة بالليل، وفيه نزلت:

أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ... الآية. (?) ورُوي أنه كان يُحيي الليلَ بركعة، يقرأ فيها القرآن كله. وقوله: وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ لأن عثمان وَلِيَ الخلافة بالشورى، وقوله: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ لأن عثمان كان كثير النفقة في سبيل الله، ويكفيك أنه جهّز جيش العسرة.

وأما صفات عليّ فقوله: وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ لأنه لمَّا قاتلته الفئة الباغية قاتلها، انتصاراً للحق، وانظر كيف سمى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المقاتلين لعليّ الفئةَ الباغية، حسبما ورد في الحديث الصحيح، أنه قال لعمّار: «ويْحَ عمّارٍ، تقتلُه الفئةُ الباغيةُ» (?) وذلك هو البغي الذي أصابه. وقوله: فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ

إشارة إلى فعل الحسن بن عليّ، حين بايع معاوية، وأسقط حق نفسه، ليصلح أحوال المسلمين، ويحقن دماءهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحسن: «إنَّ ابني هذا سَيِّدٌ، وسَيُصْلِحُ اللهُ به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» (?) . وقوله: وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إشارة إلى انتصار الحسين بعد موت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015