«1» مكية «2» . وآيها: خمس- أو ثمان- وثمانون آية «3» ، ومناسبتها لما قبلها قوله: غافِرِ الذَّنْبِ ... إلخ، فإنها فذلكة لما تقدم من أحوال المحشر لأن منهم من غفرت ذنوبه، وقبلت توبته، فسيق إلى الجنة، وتطاولت عليه النّعم، ومنهم من شددّ عقابه، وردت عليه محاسنه، فسيق إلى النّار، قال تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (?) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (?) غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (?) ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ (?)
يقول الحق جلّ جلاله: حم أي: يا محمد. فاقتصر على بعض الحروف، ستراً عن الوشاة، كعادة العُشاق في ذكر محبوبهم، يرموزن إليه ببعض حروفه. وقال ابن عطية: سأل أعرابي النبي صلى الله عليه وسلم عن «حم» ما هو؟
فقال: «بدء أسماء وفواتح سور» «4» وفي حديث: «إذا بُيتّم فقولوا: حم لا يُنصرون» قال أبو عبيد: كأن المعنى: اللهم لا ينصرون. قلت: لا يبعد أن يكون توسل بحبيب الله على هزم الأعداء. وعن ابن عباس: (أنه اسم الله الأعظم) .
هـ. وكأنه مختصر من «حي قيوم» .
تَنْزِيلُ الْكِتابِ أي: هذا تنزيل القرآن مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ أي: العزيز بسلطانه، الغالب على أمره، العليم بمَن صدّق به وكذّب. وهو تهديد للمشركين، وبشارة للمؤمنين. والتعرُّض لوصفي العزة والعلم للإيذان بظهور أثريهما في الكتاب لظهوره عزِه وعز مَن تمسّك به، ولاشتماله على علوم الأولين والآخرين.