قلت: «فيموتوا» : جواب النفي.
يقول الحق جلّ جلاله: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ، يُخلدون فيها، لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا أي: لا يحكم بموت ثان فيستريحوا، وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها ساعة، بل كلما خبت زِيد إسعارها، وهذا مثل قوله: لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ (?) ، وذكر عياض انعقاد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم، ولا يُثابون عليها. ولا تخفيف عذاب. وقد ورد في الصحيح سؤال عائشة عن ابن جدعان، وأنه كان يصل الرحم، ويطعم المساكين، فهل ذلك نافعُه، فقال عليه السلام: «لا، فإنه لم يقل يوماً: رب اغفر لي خطيئتي يومَ الدين» . ثم قال عياض: ولكن بعضهم يكون أشد عذاباً، بحسب جرائمهم.
وذكر أبو بكر البيهقي: أنه يجوز أن يراد بما ورد في الآيات والأخبار من بطلان خيرات الكفار: أنهم لا يتخلصون بها من النار، ولكن يُخفف عنهم ما يستوجبونه بجناية سوى الكفر، ودافعه المازري. قال شارح الصغاني بعد هذا النقل: وعلى ما قاله عياض، فما ورد في أبي طالب من النفع بشفاعته صلى الله عليه وسلم، بسبب ذبِّه عنه ونصرته له، مختص به. هـ. ويرد عليه ما ورد من التخفيف في حاتم بكرمه، فالظاهر ما قاله البيهقي. والله أعلم.
ومثل ما قاله في أبي طالب، قيل في انتفاع أبي لهب بعتق ثويبة، كما في الصحيح (?) .
والحاصل: أن التخفيف يقع في بعض الكفار، لبره في الدنيا، تفضلاً منه تعالى، لا في مقابلة عملهم لعدم شرط قبوله. انظر الحاشية.
كَذلِكَ أي: مثل ذلك الجزاء الفظيع، نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ مبالغ في الكفران وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها: يستغيثون، فهو يفتعلون، من: الصراخ، وهو الصياح بجهد ومشقة. فاستعمل في الاستغاثة لجهر صوت المستغيث. يقولون: رَبَّنا أَخْرِجْنا منها، ورُدنا إلى الدنيا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ، فنؤمن بعد