يمرون على ديارهم، ومنازُلُهمْ، خاوية، في متاجرهم إلى الشام، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ دالة على قدرتنا، وقهريتنا أَفَلا يَسْمَعُونَ المواعظ، فيتعظون بها؟.

الإشارة: قال القشيري: لم يعتبروا بمنازل أقوام كانوا في حَبْرَةٍ، فصاروا في عَبرةً، كانوا في سرورِ، فآلوا إلى ثبور، فجميع ديارهم وتراثِهم صارت لأغيارهم، وصُنوفُ أموالهم عادت إلى أشكالهم، سكنوا في ظِلالهم، ولم يعتبروا بمن مضى من أمثالهم، وفي مثلهم قيل:

نِعَمٌ، كانت على قو ... مٍ زمانا، ثم فاتت،

هكذا النعمةُ والإح ... سانُ قد كانت وكانت. هـ. «1»

ثم ذكّرهم بآثار قدرته، فقال:

[سورة السجده (32) : الآيات 27 الى 30]

أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (27) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (29) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)

يقول الحق جلّ جلاله: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ: المطر إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ أي: التي جُرِزَ نباتها، أي: قُطِعَ، ولم يَبْقَ منه شيء إما لعدم الماء، أو لأنه رُعِيَ. يقال: جرزت الجراد الزرع إذا استأصلته، وفي القاموس: وأرض جرز: لا تنبت، أو أكل نباتها، أو لم يصبها مطر. ثم قال: وأرض جارزة: يابسة غليظة، وفيه أربع لغات: جُرْز وجُرُز وجَرَز وجُرَز. ولا يقال للتي لا تنبت كالسباخ: جرز، بدليل قوله: فَنُخْرِجُ بِهِ أي: بالماء، زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أي: الزرع، أَنْعامُهُمْ كالتبن والورق، وَأَنْفُسُهُمْ كالحب والتمر، والمراد بالزرع:

كل ما يُزرع ويستنبت، أَفَلا يُبْصِرُونَ، فيستدلون به على قدرته على إحياء الموتى؟.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015