الإشارة: من اعتمد على غير الله، أو ركن إلى شيء سواه، فهو مجرم عند الخصوص، وذلك الشيء الذي ركن إليه صنم في حقه، يتبرأ منه يوم القيامة، ويُبلس من نفعه، وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ: الآية.
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ فريقٌ هم أهل الوصلة، وفريق هم أهل القطعة، فريق في المنة، وفريق في المحنة، فريق في السرور، وفريق في الثبور، فريقٌ في الثواب، وفريق في العقاب، فريق في الفراق، وفريق فى التلاق. قاله القشيري. وإذا كان الأمر هكذا، فَجِدَّ، أيها المؤمن، في طاعة مولاك، وأَكْثِرْ من ذكره، صباحاً ومساء، وليلاً ونهارا لتنال ذلك الوعد، وَتَنْجَو من الوعيد، كما أبان ذلك بقوله:
فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ (19)
قلت: «فسبحان» : مصدر لمحذوف، أي: سبحوا سبحان. و (حين) : متعلق بذلك المحذوف، وجملة: (وله الحمد) : معترضة بين معطوفات الظروف. و (في السموات) : حال من الحمد، أي: وله، على عباده، الحمد كائناً في السموات.. الخ.
يقول الحق جلّ جلاله: فَسُبْحانَ اللَّهِ أي: فسبّحوا الله ونزّهوه تنزيهاً يليق به في هذه الأوقات التي تظهر فيها قدرته، وتجدد فيها نعَمه، وهي حِينَ تُمْسُونَ تدخلون فى السماء، وَحِينَ تُصْبِحُونَ تدخلون في الصباح. وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي: وله، على المميّزين كلّهم، من أهل السموات والأرض، أن يحمدوه، وَعَشِيًّا أي: وسبحوه عشياً آخر النهار، وَحِينَ تُظْهِرُونَ تدخلون في وقت الظهيرة.
قال البيضاوي: وتخصيص التسبيح بالمساء والصباح لأن آثار العظمة والقدرة فيهما أظهر، وتخصيص الحمد بالعشي- الذي هو آخر النهار، من عشى العين إذا نقص نورها- والظهيرة- التي هي وسطه لأن تجدد النعم فيها أكثر. ويجوز أن يكون عَشِيًّا معطوفا على حِينَ تُمْسُونَ، وقوله: وَلَهُ الْحَمْدُ.. إلخ- اعتراضاً. وعن ابن عباس: الآيةُ جامعة للصلوات الخمس، (تُمسون) : صلاتا المغرب والعشاء، (تصبحون) : صلاة الفجر، (وعشياً) : صلاة العصر، (وتُظهرون) : صلاة الظهر «1» . ولذلك زعم الحسن أنها مَدَنِيَّةٌ لأنه كان يقول: