وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أي: يدفع عنها الحدَّ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ أي: الزوج لَمِنَ الْكاذِبِينَ فيما رماها به من الزنا، وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كانَ الزوج مِنَ الصَّادِقِينَ فيما رماها به من الزنا. وذكر الغضب في حق النساء تغليظاً لأن النساء يستعملن اللعن كثيراً، كما ورد به الحديث:
«يُكْثِرْنَ اللعْنَ» (?) ، فربما يجترئن على الإقدام، لكثرة جري اللعن على ألسنتهن، وسقوط وقعه عن قلوبهن، فذكر الغضب في جانبهن ليكون ردعاً لهن.
فإذا حلفا معاً فُرق بينهما بمجرد التلاعن، عند مالك والشافعي، على سبيل التأبيد، وقال أبو حنيفة: حتى يحكم القاضي بطلقة بائنة فتحل له بنكاح جديد إذا أكذب نفسه وتاب.
رُوي أن آية القذف المتقدمة لَمَّا نزلت قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، فقام عاصم بن عدي الأنصاري، فقال:
جعلني الله فداءك، إن وجد رجل مع امرأته رجلاً، فأخبر بما رأى، جُلِدَ ثمانين، وسماه المسلمون فاسقاً، ولا تقبل شهادته أيضاً، فكيف لنا بالشهداء، ونحن إذا التمسنا الشهداء فرغ الرجلُ من حاجته، وإن ضربه بالسيف قُتل؟ اللهم افتح، وخرج فاستقبله هلالُ بن أمية- وقيل: عُوَيْمِر (?) - فقال: ما وراءك؟ فقال: الشر، وجدت على امراتي خولة- وهي بنت عاصم- شريكَ بن سحماء- فقال عاصم: والله هذا سؤال ما أسرع ما ابتليت به، فرجعا، فأخبرا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلم خولة: فأنكرت، فنزلت هذه الآية، فتلاعنا في المسجد، وفرَّق بينهما، فقال صلى الله عليه وسلم: «ارقبوا الولد، إن جاءت به على نعت كذا وكذا، فما أراه إلا كذب عليها، وإن جاءت به على نعت كذا، فما أراه إلا صدق» فجاءت به على النعت المكروه.
قال تعالى: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ أي: تفضله عليكم وَرَحْمَتُهُ ونعمته وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ، وجواب «لولا» : محذوف لتهويله، والإشعار بضيق العبارة عن حصره، كأنه قيل: لولا تفضله تعالى