أراد الله. وأراد فرعون هلاك موسى عليه السلام، فأهلكه الله، ونجى موسى. وأراد داود أن يكون الملك لولده ميشا، وأراد الله أن يكون لسليمان عليه السلام، فكان كما أراد الله. وأراد أبو جهل هلاك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم ونبوة الوليد بن المغيرة، فأهلك الله أبا جهل والوليد ونبأ محمدا صلّى الله عليه وسلّم. وأراد المنذر بن عاد البقاء في الدنيا، فأهلكه الله وخرب ملكه. وأراد إرم العاتي، الذي بنى إرم ذات العماد، يحاكي بها الجنة، أن يسكنها خالداً فيها، فكذبه الله، وحال بينه وبينها، وغيبها عنه، حتى مات بحسرتها. هـ.
ثم ذكر مراودة زليخا ليوسف، وما كان من شأنهما، فقال:
وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ (25) قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ (26) وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27)
فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ (29)
قلت: المراودة: المطالبة، من راد يرود: إذا جاء وذهب لطلب الشيء، ومنه الرائد. و (هيت) : اسم فعل معناه:
تعال، أو أقبل، مبني على الفتح كأين، واللام للتبيين، كالتي في: سقيا لك، وقرأ ابن كثير: بالضم تشبيهاً بحيث، ونافع وابن عامر بالفتح، وهي لغة فيه. وقرىء: «هئْت» بالهمز كجئت، من هَاءَ يهيء: إذا تهيأ. و (معاذ الله) :
مصدر لمحذوف، أي: أعوذ بالله معاذاً. و (إنه) : ضمير الشأن. و (لولا) : حرف امتناع، وجوابها محذوف، أي:
لخالطها، ولا يجوز أن يكون (وهمَّ بها) جوابها لأن حكمها حكم الشرط، فلا يتقدم عليها جوابها. قاله البيضاوي.