عميد كلية القرآن الكريم بطنطا الْحَمْدُ للهِ الَّذِى أَنزَلَ من حضرة ربوبيته على قلب أعظم رسله هذا القرآن العظيم، هدى ونورا، وجعله معجزة المعجزات، وجامع حقائق حضرات الذات والصفات والأسماء والأفعال، فسطرت فيه أسرار الوجود تسطيرا.
والصلاة والسلام على أكمل خلق الله، سيدنا محمد، الذي تجلى عليه مولاه باسم (الرحمن) ، فعلّمه القرآن، وأرسله بالحق بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، وورثته القرآنيّين، الذين أشربوا حب القرآن، وتدبروا آياته، وغاصوا فى بحار معانيه، واستخرجوا جواهر حقائقه، ودرر أسراره، فنالوا فضلا كبيرا. رضى الله عنهم، وسلك بنا مسلكهم، وحشرنا فى زمرتهم، ولقّانا بهم نضرة وسرورا.
فقد أدرك الفقهون عن الله تعالى إِن ذروة الفضل، وذؤابة الشرف، وجوهر السعادة فى التعلق بكتاب الله تعالى، الذي هو حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وهو مأدبة الله تعالى، ودستوره الخالد، والمحيط الجامع لأنواع العلوم والمعارف، والمنهاج الأعظم للتربية والتحقق، ومن ثمّ تبتلت قلوبهم فى محراب التنزيل، وعكفوا على تدبر آياته واستكناه أسراره لاستخلاص حقائق الوجود من مشكاة عرفانه.
لقد أذعنوا لقول الحق تعالى: مَّا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ (?) . ولقوله عز من قائل: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ (?) . وأيقنوا بمقولة حبر الأمة، سيدنا عبد الله بن عباس- رضى الله تعالى عنهما-:
«جمع الله فى هذا الكتاب علوم الأولين وعلوم الآخرين، وعلم ما كان وعلم ما يكون، والعلم بالخالق- جل جلاله- فى أمره وخلقه» (?) .
وقد تعددت وتنوعت منازع ومناهج المشتغلين بتفسير كتاب الله تعالى.