وَاجْعَلْ كُلَّ وَاحِدٍ إِماماً وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ جَمْعَ آمٍّ كَحَالٍّ وَحِلَالٍ، وَإِمَّا لِاتِّحَادِهِمْ وَاتِّفَاقِ كَلِمَتِهِمْ قَالُوا: وَاجْعَلْنَا إِمَامًا وَاحِدًا دَعَوُا اللَّهَ أَنْ يَكُونُوا قُدْوَةً فِي الدِّينِ وَلَمْ يَطْلُبُوا الرِّئَاسَةَ قَالَهُ النَّخَعِيُّ. وَقِيلَ: فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرِّئَاسَةَ فِي الدِّينِ يَجِبُ أَنْ تُطْلَبَ. وَنَزَلَتْ فِي الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ.

أُوْلئِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الْمَوْصُوفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْعَشَرَةِ. والْغُرْفَةَ اسْمٌ مُعَرَّفٌ بِأَلْ فَيَعُمُّ أَيِ الْغُرَفَ كَمَا جَاءَ وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ (?) وَهِيَ الْعَلَالِيُّ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:

وَهِيَ بُيُوتٌ مِنْ زَبَرْجَدٍ وَدُرٍّ وَيَاقُوتٍ. وَقِيلَ الْغُرْفَةَ مِنْ أَسْمَاءِ الْجَنَّةِ. وَقِيلَ: السَّمَاءُ السَّابِعَةُ غُرْفَةٌ. وَقِيلَ: هِيَ أَعْلَى مَنَازِلِ الْجَنَّةِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْعُلُوُّ فِي الدَّرَجَاتِ وَالْبَاءُ فِي بِما صَبَرُوا لِلسَّبَبِ. وَقِيلَ: لِلْبَدَلِ أَيْ بَدَلَ صَبْرِهِمْ كَمَا قَالَ:

فَلَيْتَ لِي بِهِمْ قَوْمًا إِذَا رَكِبُوا أَيْ فَلَيْتَ لِي بَدَلَهُمْ قَوْمًا وَلَمْ يَذْكُرْ مُتَعَلِّقَ الصَّبْرِ مُخَصَّصًا لِيَعُمَّ جَمِيعَ مُتَعَلِّقَاتِهِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَشَيْبَةُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَالْحَرَمِيَّانِ وَأَبُو عَمْرٍو وَأَبُو بَكْرٍ وَيُلَقَّوْنَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَالْقَافِ مُشَدَّدَةً. وَقَرَأَ طَلْحَةُ وَمُحَمَّدٌ الْيَمَانِيُّ وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ. وَالتَّحِيَّةُ دُعَاءٌ بِالتَّعْمِيرِ وَالسَّلَامُ دُعَاءٌ بِالسَّلَامَةِ، أَيْ تُحَيِّيهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يُحَيِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَقِيلَ: يُحَيَّوْنَ بِالتُّحَفِ جَمَعَ لَهُمْ بينهم الْمَنَافِعِ وَالتَّعْظِيمِ. حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً مُعَادِلٌ لِقَوْلِهِ فِي جَهَنَّمَ ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً.

وَلَمَّا وَصَفَ عِبَادَهُ الْعُبَّادَ وَعَدَّدَ مَا لَهُمْ مِنْ صَالِحِ الْأَعْمَالِ أَمَرَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَرِّحَ لِلنَّاسِ بِأَنْ لَا اكْتِرَاثَ لَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّمَا هُوَ الْعِبَادَةُ وَالدُّعَاءُ فِي قَوْلِهِ لَوْلا دُعاؤُكُمْ هُوَ الْعِبَادَةُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا نَفْيٌ أَيْ ليس يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اسْتِفْهَامِيَّةً فِيهَا مَعْنَى النَّفْيِ أَيْ، أَيُّ عِبْءٍ يَعْبَأُ بِكُمْ، ودُعاؤُكُمْ مَصْدَرٌ أُضِيفَ إِلَى الْفَاعِلِ أَيْ لَوْلَا عِبَادَتُكُمْ إِيَّاهُ أَيْ لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ وَتَضَرُّعُكُمْ إِلَيْهِ أَوْ مَا يَعْبَأُ بِتَعْذِيبِكُمْ لَوْلَا دُعَاؤُكُمُ الْأَصْنَامَ آلِهَةً. وَقِيلَ: أُضِيفَ إِلَى الْمَفْعُولِ أَيْ لَوْلَا دُعَاؤُهُ إِيَّاكُمْ إِلَى طَاعَتِهِ. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ خِطَابٌ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ الْقَائِلِينَ نَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا أَيْ لَا يَحْفِلُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا تَضَرُّعُكُمْ إِلَيْهِ وَاسْتِغَاثَتُكُمْ إِيَّاهُ فِي الشَّدَائِدِ.

فَقَدْ كَذَّبْتُمْ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَسْتَحِقُّونَ الْعِقَابَ فَسَوْفَ يَكُونُ العقاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015