عَلَيْهِ قِرَاءَةُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ بِالنُّونِ وَهِيَ قِرَاءَةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَسْعُودِ بْنِ صَالِحٍ وَرُوَيْسٍ وَالْجُعْفِيِّ وهارون ويونس والمنقري كُلِّهِمْ عَنْ أَبِي عَمْرٍو لِيُحْصِنَكُمْ دَاوُدُ، وَاللَّبُوسُ قِيلَ أَوِ التَّعْلِيمُ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ وَالْحَسَنُ وَسَلَامٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ بِالتَّاءِ أَيْ لِتُحْصِنَكُمْ الصَّنْعَةُ أَوِ اللَّبُوسُ عَلَى مَعْنَى الدِّرْعِ وَدِرْعُ الْحَدِيدِ مُؤَنَّثَةٌ وَكُلُّ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ الثَّلَاثِ بِإِسْكَانِ الْحَاءِ وَالتَّخْفِيفِ. وَقَرَأَ الْفُقَيْمِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَابْنِ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِالْيَاءِ مِنْ تَحْتُ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ، وَابْنُ وَثَّابٍ وَالْأَعْمَشُ بِالتَّاءِ مِنْ فَوْقُ وَالتَّشْدِيدُ وَاللَّامُ فِي لَكُمْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْلِيلِ فَتَتَعَلَّقَ بِعَلَّمْنَاهُ، أَيْ لِأَجْلِكُمْ وَتَكُونُ لِتُحْصِنَكُمْ فِي مَوْضِعِ بَدَلٍ أُعِيدَ مَعَهُ لَامُ الْجَرِّ إِذِ الْفِعْلُ مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ أَنْ فَتَتَقَدَّرُ بِمَصْدَرٍ أَيْ لَكُمْ لِإِحْصَانِكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لَكُمْ صِفَةً لِلَبُوسٍ فَتَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ أَيْ كَائِنٌ لَكُمْ، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ لِيُحْصِنَكُمْ تَعْلِيلًا لِلتَّعْلِيمِ فَيَتَعَلَّقَ بِعَلَّمْنَاهُ، وَأَنْ يَكُونَ تَعْلِيلًا لِلْكَوْنِ الْمَحْذُوفِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ لَكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ اسْتِفْهَامٌ يَتَضَمَّنُ الْأَمْرُ أَيِ اشْكُرُوا اللَّهَ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ كَقَوْلِهِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (?) أَيِ انْتَهَوا عَمَّا حَرَّمَ اللَّهِ.
وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَا خَصَّ بِهِ نَبِيَّهُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَكَرَ مَا خَصَّ بِهِ ابْنَهُ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ وَجَاءَ التَّرْكِيبُ هُنَا حِينَ ذَكَرَ تَسْخِيرَ الرِّيحِ لِسُلَيْمَانَ بِاللَّامِ، وَحِينَ ذَكَرَ تَسْخِيرَ الْجِبَالِ جَاءَ بِلَفْظِ مَعَ فَقَالَ وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ وَكَذَا جَاءَ يَا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ (?) وَقَالَ فَسَخَّرَنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَكَا فِي التَّسْبِيحِ نَاسَبَ ذِكْرُ مَعَ الدَّالَّةِ عَلَى الِاصْطِحَابِ، وَلَمَّا كَانَتِ الرِّيحُ مُسْتَخْدَمَةً لِسُلَيْمَانَ أُضِيفَتْ إِلَيْهِ بِلَامِ التَّمْلِيكِ لِأَنَّهَا فِي طَاعَتِهِ وَتَحْتَ أَمْرِهِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ الرِّيحَ مُفْرَدًا بِالنَّصْبِ. وَقَرَأَ ابْنُ هُرْمُزَ وَأَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَةٍ بِالرَّفْعِ مُفْرَدًا. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَأَبُو رَجَاءٍ الرِّيَاحَ بِالْجَمْعِ وَالنَّصْبِ. وَقَرَأَ بِالْجَمْعِ وَالرَّفْعِ أَبُو حَيْوَةَ فَالنَّصْبُ عَلَى إِضْمَارِ سَخَّرْنَا، والرفع على الابتداء وعاصِفَةً حَالٌ الْعَامِلُ فِيهَا سَخَّرْنَا فِي قِرَاءَةِ مَنْ نَصَبَ الرِّيحَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَارُّ فِي قِرَاءَةِ مَنْ رَفَعَ وَيُقَالُ: عَصَفَتِ الرِّيحُ فَهِيَ عَاصِفٌ وَعَاصِفَةٌ، وَلُغَةُ أَسَدٍ أَعَصَفَتْ فَهِيَ مُعْصِفٌ وَمُعْصِفَةٌ، وَوُصِفَتْ هَذِهِ الرِّيحُ بِالْعَصْفِ وَبِالرَّخَاءِ وَالْعَصْفُ الشِّدَّةُ فِي السَّيْرِ وَالرَّخَاءُ اللِّينُ. فَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي يُرِيدُ فِيهِ سُلَيْمَانُ أَحَدَ الْوَصْفَيْنِ فلم