يَشاءُ وَيَرْضى (?) . وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيُحْتَمَلُ أن يكون الْمُجْرِمُونَ يَعُمُّ الْكَفَرَةَ وَالْعُصَاةَ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا الْعُصَاةُ الْمُؤْمِنُونَ فَإِنَّهُمْ سَيُشْفَعُ فِيهِمْ، فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا أَزَالُ أَشْفَعُ حَتَّى أَقُولَ يَا رَبِّ شَفَّعْنِي فِيمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّهَا لَيْسَتْ لَكَ وَلَكِنَّهَا لِي»
انْتَهَى. وَحَمْلُ الْمُجْرِمِينَ عَلَى الْكُفَّارِ وَالْعُصَاةِ بِعِيدٌ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَيْضًا: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بمن اتَّخَذَ مُحَمَّدٍ عِلْيَهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَبِالشَّفَاعَةِ الْخَاصَّةِ لِمُحَمَّدٍ الْعَامَّةَ لِلنَّاسِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (?) وَالضَّمِيرُ فِي لَا يَمْلِكُونَ لِأَهْلِ الْمَوْقِفِ انْتَهَى. وَفِيهِ بَعْضُ تَلْخِيصٍ.
وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً الضَّمِيرُ فِي قالُوا عَائِدٌ عَلَى بَعْضِ الْيَهُودِ حَيْثُ قالوا عزيز ابْنُ اللَّهِ، وَبَعْضِ النَّصَارَى حَيْثُ قَالُوا الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَبَعْضُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ حَيْثُ قَالُوا: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ لَقَدْ جِئْتُمْ أَيْ قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ لَقَدْ جِئْتُمْ أَوْ يَكُونُ الْتِفَاتًا خَرَجَ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ زِيَادَةُ تَسْجِيلٍ عَلَيْهِمْ بِالْجُرْأَةِ عَلَى اللَّهِ وَالتَّعَرُّضِ لِسُخْطِهِ وَتَنْبِيهٌ عَلَى عَظِيمِ مَا قَالُوا.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ إِدًّا بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ
وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِفَتْحِهَا
أَيْ شَيْئًا إِدًّا حُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمَصْدَرُ مَقَامَهُ. وَقَرَأَ نَافِعٌ وَالْكِسَائِيُّ يَكَادُ بِالْيَاءِ مِنْ تَحْتُ وَكَذَا فِي الشُّورَى وَهِيَ قِرَاءَةُ أَبِي حَيْوَةَ وَالْأَعْمَشِ. وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ بِالتَّاءِ. وَقَرَأَ ينفطرن مضارع انفطر وَأَبُو عَمْرٍو وَحَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَابْنُ عَامِرٍ هُنَا وَهِيَ قِرَاءَةُ أَبِي بَحْرِيَّةَ وَالزُّهْرِيِّ وَطَلْحَةَ وَحُمَيْدٍ وَالْيَزِيدِيِّ وَيَعْقُوبَ وَأَبِي عُبَيْدٍ. وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ يَتَفَطَّرْنَ مُضَارِعُ تَفَطَّرَ وَالَّتِي فِي الشُّورَى قَرَأَهَا أَبُو عَمْرٍو وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ بِالْيَاءِ وَالنُّونِ وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِالْيَاءِ وَالتَّاءِ وَالتَّشْدِيدِ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَتَصَدَّعْنَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ تَفْسِيرًا لِمُخَالَفَتِهَا سَوَادَ الْمُصْحَفِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، ولرواية الثقات عَنْهُ كَقِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ تَكادُ تُرِيدُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ أَكادُ أُخْفِيها (?) وَأَنْشَدَ شَاهِدًا عَلَى ذَلِكَ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
وَكَادَتْ وَكِدْتُ وَتِلْكَ خَيْرُ إِرَادَةٍ ... لَوْ عَادَ مِنْ زَمَنِ الصَّبَابَةِ مَا مَضَى
وَلَا حُجَّةَ فِي هَذَا الْبَيْتِ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الْكَيْدُودَةَ مُقَارَبَةُ الشَّيْءِ وَهَذِهِ الْجُمَلُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْ بَابِ الِاسْتِعَارَةِ لِبَشَاعَةِ هَذَا الْقَوْلِ، أَيْ هَذَا حَقُّهُ لَوْ فَهِمَتِ الْجَمَادَاتُ قَدْرَهُ وَهَذَا مَهْيَعٌ لِلْعَرَبِ. قَالَ جرير: