الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ. اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ. الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ: هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ، هِيَ مَكِّيَّةٌ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً الآية إِلَى قَوْلِهِ إِلَى النَّارِ (?) وَارْتِبَاطُ أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ بِالسُّورَةِ قَبْلَهَا وَاضِحٌ جِدًّا، لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً (?) ثُمَّ وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا (?) ثُمَّ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (?) فَنَاسَبَ هَذَا قَوْلَهُ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا عَلَى سَبِيلِ الِاقْتِرَاحِ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ (?) وَقِيلَ لَهُ: قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ (?) أَنْزَلَ الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إليك كأنه قيل: أو لم يَكْفِهِمْ مِنَ الْآيَاتِ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ هِيَ الضَّلَالُ، إِلَى النُّورِ وَهُوَ الْهُدَى.
وَجَوَّزُوا فِي إِعْرَابِ الر أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رفع بالابتداء، وكتاب الْخَبَرُ، أَوْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى خَبَرِ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: هَذِهِ الر، وَفِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى تَقْدِيرِ: الْزَمْ أَوِ اقْرَأْ الر. وكتاب أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ جُمْلَةٌ مُفَسِّرَةٌ في هذين الإعرابين، وكتاب مُبْتَدَأٌ. وَسَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِهِ كَوْنُهُ مَوْصُوفًا فِي التَّقْدِيرِ أي: كتاب أي: عَظِيمٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ. وَجَوَّزُوا أَنْ يَكُونَ كِتَابٌ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: هَذَا كتاب، وأنزلناه جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ. وَفِي قَوْلِهِ:
أَنْزَلْنَاهُ. وَإِسْنَادِ الْإِنْزَالِ إِلَى نُونِ الْعَظَمَةِ وَمُخَاطَبَتِهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ إِلَيْكَ، وإسناد الإخراج إليه