رَجُلٌ لِغَيْرِهِ نِكَاحَ أُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ فَإِنَّهُمَا قَالَا: إذَا بَلَغَهُ الْخَبَرُ فَإِنْ أَجَازَ نِكَاحَهُمَا مَعًا بَطَلَ فِيهِمَا، وَإِنْ أَجَازَ نِكَاحَ إحْدَاهُمَا ثُمَّ نِكَاحَ الْأُخْرَى بَطَلَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ قَالَ: أَجَزْت نِكَاحَ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَجَازَ نِكَاحَهُمَا مَعًا، فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْجَمْعِ تُفِيدُ الْمَعِيَّةَ كَمَا لَوْ أَجَازَ نِكَاحَهُمَا مَعًا. وَمِنْ قَوْلِهِمَا فِيمَا إذَا قَالَ: إنْ دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ فَطَالِقٌ: تَقَعُ الثَّلَاثُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَاحِدَةٌ، وَرُبَّمَا نُسِبَ هَذَا الْمَذْهَبُ لِلشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَلِمَالِكٍ حَيْثُ قَالَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا: إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ تَقَعُ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ تُوجِبُ الْمُقَارَنَةَ.
الرَّابِعُ: أَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ حَيْثُ يَسْتَحِيلُ الْجَمْعُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] حَكَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الْفَرَّاءِ وَاحْتَجَّ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي آيَةِ الْوُضُوءِ. قَالَ إلْكِيَا الْهِرَّاسِيّ: وَيُشْبِهُ إنْ صَحَّ هَذَا عَنْ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ فِي الْمَعْنَى يُفِيدُ التَّرْتِيبَ إذَا كَانَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لَا يَصْلُحُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ، وَلِأَنَّ اللَّفْظَ لَوْ أَفَادَ ذَلِكَ لَأَفَادَهُ، وَإِنْ صَحَّ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ مُوجِبَهُ لَا يَتَغَيَّرُ كَمَا لَا يَتَغَيَّرُ مَا يَقْتَضِيهِ " ثُمَّ "، وَالْفَاءُ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ فِي هَذَا التَّأْوِيلِ بُعْدٌ فَقَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ الْمَرَاغِيُّ: نَظَرْت فِي كِتَابِ الْفَرَّاءِ فَمَا أَلْفَيْت فِي شَيْءٍ مِنْهَا هَذَا، ثُمَّ فِيهِ دَلَالَةٌ لَوْ صَحَّ عَلَى أَنَّ أَصْلَهَا الْجَمْعُ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ لَهَا التَّرْتِيبُ لِاسْتِحَالَةِ الْجَمْعِ. الْخَامِسُ: وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا قَبْلَهُ إنْ دَخَلَتْ بَيْنَ أَجْزَاءِ بَيْنِهَا ارْتِبَاطٌ اقْتَضَتْ التَّرْتِيبَ، كَآيَةِ الْوُضُوءِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ هِيَ أَجْزَاءُ فِعْلٍ وَاحِدٍ مَأْمُورٍ بِهِ