الثَّانِي: أَنَّهُ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ. وَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَصَرَّحَ بِهِ النُّحَاةُ: أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ أَبُو يُوسُفَ مِثْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَزَيْدٌ مِثْلُ زُهَيْرٍ، وَاشْتَرَيْت كِتَابَ سِيبَوَيْهِ، وَقَدْ تَحَصَّلْنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَذَاهِبَ، وَيَجِبُ تَخْصِيصُ مَحَلِّ الْخِلَافِ بِالْأَعْلَامِ الْمُجَدَّدَةِ دُونَ الْمَوْضُوعَةِ بِوَضْعِ أَهْلِ اللُّغَةِ، فَإِنَّهَا حَقَائِقُ لُغَوِيَّةٌ.

[مَسْأَلَةٌ الْحَقِيقَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمَجَازَ]

َ] قَالُوا: لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْحَقِيقَةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمَجَازَ؛ إذْ الْوَضْعُ لَا يَسْتَلْزِمُ الثَّانِي، وَالْأَصْلُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْفَرْعَ، وَلَيْسَ كُلُّ الْحَقِيقَةِ تَكُونُ فِي غَيْرِهَا عَلَاقَةً فِيهَا مُسَوِّغَةً لِلتَّجَوُّزِ، بَلْ الْحَقِيقَةُ يَكُونُ لَهَا مَجَازٌ كَالْبَحْرِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ كَالْفَرَسِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: وَمِنْ حُكْمِ هَذَا أَنَّهُ إذَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ فَهَلْ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَلَا يُعْدَلُ بِهِ عَنْهَا إلَى الْمَجَازِ إلَّا بِدَلِيلٍ؟ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْأَوَّلَ هَلْ يَسْتَلْزِمُ ثَانِيًا كَمَا فَرَّعَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ؟ إذْ الْحَقِيقَةُ فِيهَا قَيْدُ الْأَوَّلِيَّةِ. ثُمَّ رَأَيْت الْقَاضِيَ أَبَا بَكْرٍ فِي كِتَابِ " التَّقْرِيبِ " حَكَى عَنْ بَعْضِ الْقَدَرِيَّةِ أَنَّ كُلَّ حَقِيقَةٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مَجَازٍ، وَمَا لَا مَجَازَ لَهُ فَلَا يُقَالُ: إنَّ لَهُ حَقِيقَةً، وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى حِكَايَتِهِمْ الْإِجْمَاعَ فِيمَا سَبَقَ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَجَازِ هَلْ يَسْتَلْزِمُ الْحَقِيقَةَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ أَنْ تَكُونَ الْحَقِيقَةُ قَدْ وُجِدَتْ وَاسْتُعْمِلَتْ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى أَوْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015