قَالَ الْأُسْتَاذُ: وَحَكَاهُ الْكَرْخِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ: كَانَ الْكَرْخِيُّ يَحْكِيهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَنَّ أَبَا يُوسُفَ جَوَّزَهُ.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي " التَّقْرِيبِ " زَعَمَ ابْنُ الْجُبَّائِيُّ، وَوَافَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَأَنَّهُ مَتَى أُرِيدَ بِهَا مَعْنَيَانِ مُخْتَلِفَانِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَكْرَارِهَا وَالتَّكَلُّمِ بِهَا فِي وَقْتَيْنِ يُرَادُ بِهَا فِي أَحَدِهِمَا أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ الْمَعْنَى الْآخَرُ. اهـ.
وَمُرَادُهُ بِابْنِ الْجُبَّائِيُّ أَبُو هَاشِمٍ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ.
قَالَ صَاحِبُ " الْمُعْتَمَدِ ": وَشَرَطَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمَنْعِ شُرُوطًا أَرْبَعَةً: اتِّحَادُ الْمُتَكَلِّمِ، وَالْعِبَارَةُ، وَالْوَقْتُ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَيَانِ مُخْتَلِفَيْنِ، لَا يَنْتَظِمُهُمَا فَائِدَةٌ وَاحِدَةٌ، فَمَتَى انْخَرَمَ شَرْطٌ جَازَ أَنْ يُرَادَا.
وَمَا حَكَيْنَاهُ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ " عَنْهُ، لَكِنْ أَفَادَ صَاحِبُ " الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ " أَنَّ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَأَنَّهُ ذَهَبَ فِي كِتَابِ " الْبَغْدَادِيَّاتِ " إلَى الْجَوَازِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ. وَفِي غَيْرِهِ إلَى الْمَنْعِ مُطْلَقًا.
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَانِعُونَ فِي سَبَبِ الْمَنْعِ، فَقِيلَ: أَمْرٌ يَرْجِعُ إلَى الْقَصْدِ، أَيْ: لَا يَصِحُّ أَنْ يَقْصِدَ بِاللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ جَمِيعَ مَفْهُومَاتِهِ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، وَلَكِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَقْصِدَ بِاللَّفْظِ الدَّلَالَةَ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ وَيَكُونَ خَالَفَ الْوَضْعَ اللُّغَوِيَّ وَابْتَدَأَ بِوَضْعٍ جَدِيدٍ، وَلِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُطْلِقَ لَفْظًا، وَيُرِيدَ بِهِ مَا شَاءَ.
وَهَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْغَزَالِيُّ وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، إذْ لَا اسْتِحَالَةَ فِي ذَلِكَ.