مَبْحَثٌ الِاسْمُ عَيْنُ الْمُسَمَّى أَوْ غَيْرِهِ]
أَحَدُهُمَا: الْكَلَامُ فِي أَنَّ الِاسْمَ هَلْ هُوَ الْمُسَمَّى أَوْ غَيْرُهُ؟ وَقَدْ كَثُرَ خَبْطُ النَّاسِ فِيهَا، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ الْخِلَافَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ الِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى لَاحْتَرَقَ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِ النَّارِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَهُ لَلَزِمَ كَذَا وَكَذَا، وَكُلُّ ذَلِكَ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ فَهْمِ الْمَسْأَلَةِ.
فَنَقُولُ: إذَا سَمَّيْت شَيْئًا بِاسْمٍ، فَالنَّظَرُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: ذَلِكَ الِاسْمُ وَهُوَ اللَّفْظُ وَمَعْنَاهُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ، وَمَعْنَاهُ بَعْدَهَا، وَهُوَ الذَّاتُ الَّتِي أُطْلِقَ عَلَيْهَا اللَّفْظُ، وَالذَّاتُ وَاللَّفْظُ مُتَغَايِرَانِ قَطْعًا، وَالنُّحَاةُ إنَّمَا يُطْلِقُونَ الِاسْمَ عَلَى اللَّفْظِ، لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَتَكَلَّمُونَ فِي الْأَلْفَاظِ، وَهُوَ غَيْرُ الْمُسَمَّى قَطْعًا عِنْدَ الْفَرِيقَيْنِ، وَالذَّاتُ هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْفَرِيقَيْنِ، وَلَيْسَ هُوَ الِاسْمُ قَطْعًا.
وَالْخِلَافُ فِي الْأَمْرِ الثَّالِثِ، وَهُوَ مَعْنَى اللَّفْظِ قَبْلَ التَّلْقِيبِ، فَعَلَى قَوَاعِدِ الْمُتَكَلِّمِينَ يُطْلِقُونَ الِاسْمَ عَلَيْهِ وَيَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُ الثَّالِثُ أَوْ لَا فَالْخِلَافُ عِنْدَهُمْ حِينَئِذٍ فِي الِاسْمِ الْمَعْنَوِيِّ هَلْ هُوَ الْمُسَمَّى أَمْ لَا؟ لَا فِي الِاسْمِ اللَّفْظِيِّ، وَأَمَّا النُّحَاةُ فَلَا يُطْلِقُونَ الِاسْمَ عَلَى غَيْرِ اللَّفْظِ، لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَبْحَثُونَ فِي الْأَلْفَاظِ، وَالْمُتَكَلِّمُ لَا يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَمْنَعُ هَذَا الْإِطْلَاقَ، لِأَنَّهُ إطْلَاقُ اسْمِ الْمَدْلُولِ عَلَى الدَّالِّ، وَيُرِيدُ شَيْئًا دَعَاهُ عِلْمُ الْكَلَامِ إلَى تَحْقِيقِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَإِطْلَاقُهُمَا عَلَى الْبَارِي تَعَالَى.
مِثَالُهُ: إذَا قُلْت: عَبْدُ اللَّهِ أَنْفُ النَّاقَةِ، فَالنُّحَاةُ يُرِيدُونَ بِاللَّقَبِ لَفْظَ: أَنْفِ النَّاقَةِ، وَالْمُتَكَلِّمُونَ يُرِيدُونَ مَعْنَاهُ، وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ مِنْ مَدْحٍ أَوْ ذَمٍّ