كَانَ الْفَسَادُ مَقْصُورًا عَلَى الصُّورَةِ أَوْ يَشْمَلُ الصُّورَةَ وَالْمَادَّةَ لَا يَسْتَلْزِمُ، كَقَوْلِنَا: لَا شَيْءَ مِنْ الْإِنْسَانِ بِحَجَرٍ، وَكُلُّ حَجَرٍ جَمَادٌ يَلْزَمُ لَا شَيْءَ مِنْ الْإِنْسَانِ بِجَمَادٍ عِلْمًا. وَإِنْ كَانَتْ صُورَةُ الْقِيَاسِ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؛ لِعَدَمِ إيجَابِ الصُّغْرَى.
ضَابِطٌ: [الْإِدْرَاكُ] الْإِدْرَاكُ بِلَا حُكْمٍ تَصَوُّرٌ، وَمَعَ الْحُكْمِ تَصْدِيقٌ، لَكِنْ مَجْمُوعُهُمَا أَوْ الْحُكْمُ وَحْدَهُ فِيهِ خِلَافٌ، فَذَهَبَ الْقُدَمَاءُ إلَى أَنَّهُ الْحُكْمُ. وَاخْتَارَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ أَنَّهُ الْمَجْمُوعُ. وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُنْوَانِ "، وَهُوَ جَهْلٌ، إنْ كَانَ جَازِمًا غَيْرَ مُطَابِقٍ، وَتَقْلِيدٌ إنْ طَابَقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِمُوجِبٍ، وَعِلْمٌ إنْ كَانَ لِمُوجِبٍ عَقْلِيٍّ أَوْ حِسِّيٍّ، أَوْ مُرَكَّبٍ مِنْهُمَا وَهُوَ الْمُتَوَاتِرَات، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَازِمًا فَإِنْ تَسَاوَى طَرَفَاهُ، فَهُوَ الشَّكُّ، وَإِلَّا فَالرَّاجِحُ ظَنٌّ صَادِقٌ إنْ طَابَقَ، أَوْ كَاذِبٌ إنْ لَمْ يُطَابِقْ، وَالْمَرْجُوحُ وَهْمٌ. وَلَا يَرِدُ قَوْلُ الْقَائِلِ: اعْتِقَادُ الْمُقَلِّدِ حَادِثٌ. وَكُلُّ حَادِثٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ، فَكَيْفَ يَقُولُونَ فِي الِاعْتِقَادِ لَهُ بِالْمُوجِبِ؟ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ بِالْمُوجِبِ مَا ذَكَرْنَا، وَاعْتِقَادُ الْمُقَلِّدِ لَيْسَ عَنْ بُرْهَانٍ حِسِّيٍّ، أَوْ عَقْلِيٍّ، أَوْ مُرَكَّبٍ مِنْهُمَا.
وَأُورِدَ بِأَنَّ الشَّكَّ تَرَدُّدٌ لَا حُكْمَ فِيهِ، فَكَيْفَ يُورَدُ فِي قِسْمِ الْحُكْمِ؟ وَأَيْضًا فَالْوَهْمُ يُنَافِي الْحُكْمَ بِالشَّيْءِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشَّاكَّ لَهُ حُكْمَانِ مُتَسَاوِيَانِ بِمَعْنَى أَنَّهُ حَاكِمٌ بِجَوَازِ وُقُوعِ