أَسْمَاءً، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نُطْلِقَ الِاشْتِقَاقَ عَلَى جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، لِئَلَّا يَقَعَ اللَّبْسُ فِي اللُّغَةِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْبَيَانِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ سَمَّوْا الزُّجَاجَةَ قَارُورَةً لِاسْتِقْرَارِ الشَّيْءِ فِيهَا، فَلَيْسَ لَنَا أَنْ نُسَمِّيَ الْجُبَّ وَالْبَحْرَ قَارُورَةً لِاسْتِقْرَارِ الْمَاءِ فِيهِمَا. وَالْأَكْثَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَابْنُ بَرْهَانٍ وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَلَى الْجَوَازِ.
قُلْت: مِنْهُمْ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنُ سُرَيْجٍ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَنَقَلَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِ التَّحْصِيلِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الشُّفْعَةِ: إنَّ الشَّرِيكَ جَارٍ، وَقَاسَهُ عَلَى تَسْمِيَةِ الْعَرَبِ امْرَأَةَ الرَّجُلِ جَارَهُ.
وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ: إنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، إذْ قَالَ: الشَّرِيكُ جَارٌ فِي مَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ يُقَالُ: امْرَأَتُك أَقْرَبُ إلَيْك أَمْ جَارُك؟ وَنَقَلَهُ سُلَيْمٌ الرَّازِيَّ عَنْ الْبَصْرِيِّينَ مِنْ النَّحْوِيِّينَ، وَقَالَ فِي الْمَحْصُولِ ": نَقَلَ ابْنُ جِنِّي فِي الْخَصَائِصِ " أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ كَالْمَازِنِيِّ وَأَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ، وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ.
قَالَ: وَمَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْعَرُوضِيُّونَ مِنْ أَسْمَاءِ الْبُحُورِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ عَلَى التَّشْبِيهِ وَالنَّقْلِ لِمَا وَضَعَتْهُ الْعَرَبُ فِي أَوَّلِيَّةِ مَوْضُوعِ اللُّغَةِ.
وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي فِقْهِ الْعَرَبِيَّةِ " أَجْمَعَ أَهْلُ اللُّغَةِ إلَّا مَنْ شَذَّ مِنْهُمْ أَنَّ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ قِيَاسًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ دُرُسْتَوَيْهِ.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ فِي شَرْحِ كِتَابِ التَّرْتِيبِ ": تَكَلَّمْت يَوْمًا مَعَ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ الْقَطَّانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَصَرْت الْقَوْلَ بِجَوَازِ