وَفِيمَا قَالَهُ فِي التَّفْسِيرِ نَظَرٌ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَجْعَلُهُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهَا مِنْ الْأُصُولِيِّينَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ فَقَالَ فِي كِتَابِ الدَّلَائِلِ وَالْأَعْلَامِ ": مَا رُوِيَ آحَادًا مِنْ آيِ الْقُرْآنِ كَرِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ آيَةَ الرَّجْمِ وَخَبَرِ عَائِشَةَ فِي الرَّضَاعِ وَخَبَرِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: «لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ الذَّهَبِ لَابْتَغَى لَهُمَا ثَالِثًا» فَإِنَّهَا ثَابِتَةُ الْأَسَانِيدِ صَحِيحَةٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ. وَنَحْنُ نُثْبِتُ مَا قَالُوا عَلَى مَا قَالُوا غَيْرَ مُتَأَوِّلِينَ عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَظْهَرْ لَنَا إلَّا أَنْ لَا نَجِدَ وَجْهًا غَيْرَ التَّأْوِيلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ الْقُرْآنِ مَا نُسِخَ رَسْمُهُ وَبَقِيَ حُكْمُهُ، وَإِنَّمَا تَجِبُ تِلَاوَةُ الْمَرْسُومِ، فَأَمَّا مَا بَقِيَ حُكْمُهُ فَلَا تَجِبُ تِلَاوَتُهُ.

وَاَلَّذِي أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ فِي الرَّسْمِ هُوَ الْوَاجِبُ تِلَاوَتُهُ، وَاَلَّذِي لَمْ يُرْسَمْ يُتْلَى وَيُنْقَلُ حُكْمُهُ إذْ كَانَ الْقُرْآنُ الْمَتْلُوُّ يُوجِبُ شَيْئَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إثْبَاتُ حُكْمِهِ وَتِلَاوَتُهُ وَالْقَطْعُ عَلَيْهِ بِمَا يُعْمَلُ بِهِ وَالتَّسْمِيَةُ بِمَا سَمَّاهُ النَّاقِلُ، وَلَيْسَ يَثْبُتُ الْمَتْلُوُّ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَإِذَا كَانَ خَبَرُ الْوَاحِدِ قَدْ يَخُصُّ ظَاهِرَ الْمَتْلُوِّ وَيُثْبِتُهُ تَثْبِيتَ الْأَحْكَامِ كَانَ أَيْضًا كَذَلِكَ مَا أُثْبِتَ حُكْمُهُ مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ أَنَّهُ قُرْآنٌ فِي الْحُكْمِ لَا فِي الرَّسْمِ وَالتِّلَاوَةِ.

انْتَهَى.

وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنْ أَضَافَهَا الْقَارِئُ إلَى التَّنْزِيلِ أَوْ إلَى سَمَاعٍ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أُجْرِيَتْ مَجْرَى خَبَرِ الْوَاحِدِ، وَإِلَّا فَهِيَ جَارِيَةٌ مَجْرَى التَّأْوِيلِ. اهـ. وَيَخْرُجُ مِنْ هَذَا التَّفْصِيلِ مَذْهَبٌ ثَالِثٌ، وَبِهِ صَرَّحَ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى " فَقَالَ: الْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ هَلْ تَجْرِي مَجْرَى خَبَرِ الْوَاحِدِ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: ثَالِثُهَا: التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ تُسْنَدَ أَمْ لَا. اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015