حَمْزَةَ لِمَا فِيهَا مِنْ الْكَسْرِ وَالْإِدْغَامِ وَزِيَادَةِ الْمَدِّ، وَنُقِلَ عَنْهُ كَرَاهَةُ قِرَاءَةِ الْكِسَائِيّ، لِأَنَّهَا كَقِرَاءَةِ حَمْزَةَ فِي الْإِمَالَةِ وَالْإِدْغَامِ. وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ مَا عَدَا الْمُعْتَزِلَةَ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ السَّبْعِ ثَبَتَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّوَاتُرِ فَكَيْفَ تُكْرَهُ؟ . اهـ.

وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: التَّحْقِيقُ أَنَّهَا مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ الْأَئِمَّةِ السَّبْعَةِ، وَأَمَّا تَوَاتُرُهَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ إسْنَادَ الْأَئِمَّةِ السَّبْعَةِ لِهَذِهِ الْقِرَاءَاتِ مَوْجُودَةٌ فِي كُتُبِهِمْ، وَهِيَ نَقْلُ الْوَاحِدِ عَنْ الْوَاحِدِ، فَلَمْ تَسْتَكْمِلْ شُرُوطَ التَّوَاتُرِ. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا عَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ بِأَنَّ الْأُمَّةَ تَلَقَّتْهَا بِالْقَبُولِ، وَاخْتَارُوهَا لِمُصْحَفِ الْجَمَاعَةِ، وَقَطَعُوا بِأَنَّهَا قُرْآنٌ، وَأَنَّ مَا عَدَاهَا مَمْنُوعٌ مِنْ إطْلَاقِهِ، وَالْقِرَاءَةُ بِهِ، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي الِانْتِصَارِ ". وَبِهَذَا الطَّرِيقِ حَكَمَ ابْنُ الصَّلَاحِ أَنَّ أَحَادِيثَ الصَّحِيحَيْنِ مَقْطُوعٌ بِهَا وَإِنْ رُوِيَتْ بِالْآحَادِ، لِتَلَقِّي الْأُمَّةِ لَهَا بِالْقَبُولِ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْأُصُولِيِّينَ، أَيْ: أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ إذَا تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ أَفَادَ الْقَطْعَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فِيمَا يَثْبُتُ بِالْوَاحِدِ، فَمَا ظَنُّك فِيمَا وُجِدَ فِيهِ غَالِبُ شُرُوطِ التَّوَاتُرِ أَوْ كُلُّهَا؟ لَكِنَّ كَلَامَ ابْنِ الصَّلَاحِ هَذَا قَدْ رَدَّهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَقَالَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَبُو شَامَةَ فِي كِتَابِ الْمُرْشِدِ الْوَجِيزِ ": كُلُّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْهَا مُتَوَاتِرٌ، أَمَّا الْمَجْمُوعُ مِنْهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى الْبَيِّنَةِ عَلَى تَوَاتُرِهِ.

قَالَ: وَقَدْ شَاعَ ذَلِكَ عَلَى أَلْسِنَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُقْرِئِينَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَغَيْرِهِمْ.

قَالُوا: وَالْقَطْعُ بِأَنَّهَا مُنَزَّلَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاجِبٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015