تَعْرِيفُ الْقُرْآنِ فَنَقُولُ: هُوَ الْكَلَامُ الْمُنَزَّلُ لِلْإِعْجَازِ بِآيَةٍ مِنْهُ الْمُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ فَخَرَجَ " بِالْمُنَزَّلِ " الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ، وَالْأَلْفَاظُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَقْبَلُ حَقِيقَةَ النُّزُولِ وَلَكِنَّ الْمُرَادَ الْمَجَازُ الصُّورِيُّ. وَقَوْلُنَا: " لِلْإِعْجَازِ " خَرَجَ بِهِ الْمُنَزَّلُ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُوسَى وَعِيسَى - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْإِعْجَازَ، وَالْأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ. وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ ": بِأَنَّ السُّنَّةَ مُنَزَّلَةٌ كَالْكِتَابِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3] {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 4] . وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا: " الْمُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ " مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ.
وَقُلْنَا بِآيَةٍ مِنْهُ وَلَمْ نَقُلْ بِسُورَةٍ كَمَا ذَكَره الْأُصُولِيُّونَ، لِأَنَّ أَقَصَرَ السُّوَرِ ثَلَاثُ آيَاتٍ، وَالتَّحَدِّي قَدْ وَقَعَ بِأَقَلَّ مِنْهَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ} [الطور: 34] .
وَصَرَّحَ أَصْحَابُنَا فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ فِيمَا لَوْ أَصَدَقَهَا تَعْلِيمَ سُورَةٍ فَلَقَّنَهَا بَعْضَ آيَةٍ، ثُمَّ نَسِيَتْ لَا يُحْسَبُ لَهُ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى قُرْآنًا، لِعَدَمِ الْإِعْجَازِ فِيهَا. كَذَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مِثْلُ ذَلِكَ عَلَى الْجُنُبِ، لَكِنْ صَرَّحَ الْفُورَانِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْمَنْعِ.
وَأَمَّا الْآيَةُ وَالْآيَتَانِ فَحَكَى فِي " الشَّامِلِ ": وَجْهَيْنِ: