قَطْعًا، وَنَصُّ " الْأُمِّ " جَدِيدٌ فَحَصَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ. حَكَاهُمَا الدَّارِمِيُّ فِي " الِاسْتِذْكَارِ " وَجْهَيْنِ.
إنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي خِطَابِ التَّكْلِيفِ بِأَسْرِهِ، فَكُلُّ وَاجِبٍ أَوْ مُحَرَّمٍ هُوَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَكَذَا الْمَنْدُوبُ وَالْمُبَاحُ بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَا أُبِيحَ فَهُوَ مُبَاحٌ فِي حَقِّهِمْ عِنْدَ مَنْ يَرَى شُمُولَ الْخِطَابِ لَهُمْ. وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ تَعَلُّقَ الْإِبَاحَةِ بِهِمْ إذَا قُلْنَا بِتَكْلِيفِهِمْ، وَقُلْنَا: الْإِبَاحَةُ تَكْلِيفٌ، فَإِنَّهُ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُكَلَّفِ الْإِقْدَامُ عَلَى فِعْلٍ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ، وَالْكُفَّارُ لَا يَعْتَقِدُونَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ حُكْمًا صَحِيحًا، لِأَنَّهُمْ يَسْتَنِدُونَ فِيهِ إلَى شَرْعِنَا اللَّازِمِ لَنَا وَلَهُمْ، وَشَرْعُهُمْ مَنْسُوخٌ.
وَمُقْتَضَى هَذَا الْبَحْثِ أَنْ يَأْثَمُوا فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِمْ حَتَّى يُؤْمِنُوا، وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مَا يَشْهَدُ لَهُ.
أَمَّا خِطَابُ الْوَضْعِ: فَمِنْهُ مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ لِكَوْنِ الطَّلَاقِ سَبَبًا لِتَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ، فَكَذَلِكَ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافَاتِ وَالْجِنَايَاتِ فَلَا يَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ بَلْ هِيَ أَسْبَابٌ لِلضَّمَانِ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا ثُبُوتُ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِمْ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، وَوُجُوبُ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ.
وَالْحُدُودُ إنَّمَا تَكُونُ كَفَّارَةً لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيُّ، وَالْكَافِرُ