الثَّانِيَةُ [كَيْفَ يَطْلُبُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ مَا يُخَالِفُ عِلْمَهُ؟]
اسْتَشْكَلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ تَوْجِيهَ الْجَوَازِ، فَقَالَ: إذَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ بَعْضَ الْخَلْقِ أَوْ أَكْثَرَهُمْ لَا يُطِيعُونَ وَلَا يَمْتَثِلُونَ فَكَيْفَ يَطْلُبُ مِنْهُمْ مَا يُخَالِفُ عِلْمَهُ؟ فَعَلَى هَذَا فَقَدْ كَلَّفَهُمْ بِمَا لَا يُطِيقُونَ، لِأَنَّ مَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فَوَاجِبٌ لَازِمٌ أَنْ لَا يَكُونَ وَمَا عَلِمَ أَنَّهُ يَكُونُ فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ.
وَأَجَابَ: بِأَنْ أَحْسَنَ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّ تَوْجِيهَ الْخِطَابِ لِلْأَشْقِيَاءِ الَّذِينَ لَا يَمْتَثِلُونَ مَا أُمِرُوا بِهِ، وَلَا يَجْتَنِبُونَ مَا نُهُوا عَنْهُ لَيْسَ طَلَبًا عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَامَةٌ وُضِعَتْ عَلَى شَقَاوَتِهِمْ، وَأَمَارَةٌ نُصِبَتْ، عَلَى تَعْذِيبِهِمْ، إذْ لَا يَبْعُدُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنْ يُعَبَّرَ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْخَبَرِ.
قُلْت: وَهَذِهِ الْمَقَالَةُ حَكَاهَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ وَالِدِهِ وَزَيَّفَهَا، وَابْنُ بَرْهَانٍ عَنْ الْأُسْتَاذِ كَمَا سَبَقَ، وَاسْتَأْنَسَ لَهَا ابْنُ عَطِيَّةَ بِتَكْلِيفِ الْمُصَوِّرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَعْقِدَ شَعِيرَةً. . . الْحَدِيثَ.
الثَّالِثَةُ [اسْتِحَالَةُ وُرُودِ الْأَمْرِ بِالْكُفْرِ]
قَالَ الْإِمَامُ فِي " الرِّسَالَةِ النِّظَامِيَّةِ " يَسْتَحِيلُ وُرُودُ الْأَمْرِ بِالْكُفْرِ بِاَللَّهِ