وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَالَ أَبِي: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَجَدْت السَّكْرَانَ لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ عَنْهُ الْقَلَمُ، وَكَانَ أَبِي يُعْجِبُهُ هَذَا وَيَذْهَبُ إلَيْهِ. اهـ.
وَأَطَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي التَّقْرِيبِ " عَدَمَ تَكْلِيفِهِ، ثُمَّ قَالَ مَا حَاصِلُهُ: إنَّهُ مُكَلَّفٌ لَكِنْ بَعْدَ السُّكْرِ بِمَا كَانَ فِي السُّكْرِ، وَهَذَا الْكَلَامُ مَجْمَعُ مَذَاهِبِ الْفَرِيقَيْنِ.
وَصَرَّحَ الْإِمَامُ فِي الْبُرْهَانِ " بِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ مَعَ تَقْرِيرِهِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ مُؤَاخَذَتَهُ الْمُصَرِّحَةُ بِالتَّكْلِيفِ، وَهُوَ مُؤَوَّلٌ بِمَا سَبَقَ. وَقَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: هُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُمْنَعُ تَوَجُّهَ الْخِطَابِ إلَيْهِ، أَمَّا ثُبُوتُ الْأَحْكَامِ فِي حَقِّهِ، وَتَنْفِيذُ بَعْضِ أَقْوَالِهِ فَلَا يُمْنَعُ. قَالَ: وَهَذَا مُطَّرِدٌ فِي تَكَالِيفِ النَّاسِي فِي اسْتِمْرَارِ نِسْيَانِهِ، إذْ لَوْ كَانَ مِمَّنْ فَهِمَ الْخِطَابَ، لَكَانَ مُتَذَكِّرًا لَا نَاسِيًا، قَالَ: وَلَعَلَّ مَنْ قَالَ بِتَكْلِيفِهِ بَنَاهُ عَلَى جَوَازِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ.
وَقَالَ الْإِبْيَارِيُّ: الظَّاهِرُ عِنْدَنَا تَكْلِيفُ السَّكْرَانِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: التَّكْلِيفُ بِمَعْنَى إيجَابِ الْقَضَاءِ عَامٌّ فِي النَّاسِي وَالنَّائِمِ وَالسَّكْرَانِ، وَبِمَعْنَى عَدَمِ الْخِطَابِ حَاصِلٌ فِي النَّائِمِ وَالنَّاسِي. وَأَمَّا السَّكْرَانُ فَعِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ يُلْحَقُ بِهِمَا، وَعِنْدَنَا بِخِلَافِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ