أُمُورٌ تَقْدِيرِيَّةٌ أَوْ تَقْرِيبِيَّةٌ كَالْإِثْمِ وَالثَّوَابِ جَازَ أَنْ يَتْبَعَ الظُّنُونَ وَالِاعْتِقَادَاتِ أَمَّا الْأُمُورُ الْوَضْعِيَّةُ كَأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فَلَا يَقْوَى الْمُكَلَّفُ عَلَى قَلْبِ حَقَائِقِهَا. تَنْبِيهٌ
يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا مَضَى مِنْ وَقْتِ الظُّهْرِ إلَى حِينِ الْفِعْلِ زَمَنٌ يَسَعُ الْفَرْضَ حَتَّى يَتَّجِهَ الْقَوْلُ بِالْقَضَاءِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَفَعَلَهُ، فَلْيَكُنْ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إذَا وَقَعَ بَعْضُ الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ وَبَعْضُهَا خَارِجَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي بِمُقْتَضَى ظَنِّ هَذَا الْمُكَلَّفِ صَارَ وَقْتُ الْأَدَاءِ الْأَصْلِيُّ وَقْتَ قَضَاءٍ فِي حَقِّهِ هُوَ قَلْبًا لِحَقِيقَةِ أَمْرٍ وَضْعِيٍّ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى ثُبُوتِهِ.
وَأَمَّا الصُّوَرُ الَّتِي قَاسَ عَلَيْهَا الْآمِدِيُّ وَهِيَ تَأْخِيرُ الْمُوَسَّعِ بِدُونِ الْعَزْمِ، فَلِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ بِحُصُولِ الظَّنِّ الْمُنَاسِبِ لِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْقَاضِي، وَالظَّنُّ وُجُودِيٌّ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْآمِدِيَّ فَإِنَّهُ قَدْ عَصَى مَعْصِيَةً عَدَمِيَّةً، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهَا فَلَا يَقْوَى عَلَى مُنَاسَبَةِ تَغْيِيرِ أَمْرٍ وَضْعِيٍّ.
فَرْعٌ
لَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْوَقْتِ، ثُمَّ أَفْسَدَهَا وَأَتَى بِهَا فِي الْوَقْتِ.
قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيُّ: يَكُونُ قَضَاءً، لِأَنَّ بِالشُّرُوعِ يَضِيقُ الْوَقْتُ بِدَلِيلِ امْتِنَاعِ الْخُرُوجِ مِنْهَا فَلَمْ يَكُنْ فِعْلُهَا بَعْدَهُ إلَّا قَضَاءً، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ فِيمَا سَبَقَ.
وَذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ فِي نَصِّ الْأُمِّ إشَارَةً إلَيْهِ حَيْثُ مَنَعَ الْخُرُوجَ بَعْدَ التَّلَبُّسِ فَقَالَ: فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا بِلَا عُذْرٍ كَانَ مُفْسِدًا آثِمًا، وَظَاهِرُ كَلَامِ