الثَّانِيَةُ: النَّوَافِلُ الْمُؤَقَّتَةُ فِيهَا قَوْلٌ أَنَّهَا لَا تُقْضَى إذَا دَخَلَ عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ أُخْرَى.
وَإِذَا كَانَ الِاعْتِبَارُ بِالتَّعْيِينِ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ فِي الْوَقْتِ فَمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْبَقَاءِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فِعْلُ الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ، فَإِنْ أَخَّرَهُ عَصَى، فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ وَبَقِيَ بَعْدَهُ، قَالَ الْغَزَالِيُّ: هُوَ أَدَاءٌ، لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ خَطَأَ ظَنِّهِ، وَرَجَّحَهُ الْهِنْدِيُّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ الْقَاضِيَانِ أَبُو بَكْرِ بْنُ الطَّيِّبِ وَالْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ: قَضَاءٌ، لِأَنَّهُ تَضَيَّقَ بِتَأْخِيرِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَأَخَّرَ عَنْ زَمَنِهِ الْمَحْدُودِ.
وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ: النَّظَرُ إلَى الْحَالِ أَوْ الْمَآلِ؟ فَإِنْ نَظَرْنَا إلَى الْحَالِ فَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ، أَوْ إلَى الْمَآلِ فَقَدْ زَالَتْ غَلَبَةُ الظَّنِّ، وَانْكَشَفَ خِلَافُ ذَلِكَ، فَبَقِيَ الْأَمْرُ عَلَى التَّوَسُّعِ، وَرَجَّحَ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ: إنَّ اعْتِبَارَ الْمَوْجُودِ مُحَقَّقٌ بِخِلَافِ اعْتِبَارِ الْقَاضِي، فَإِنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ خِلَافُهُ اُعْتُبِرَ غَيْرَ مُحَقَّقٍ.
وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِيمَا إذَا صَلَّى بِالِاجْتِهَادِ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ بَعْدَ الْوَقْتِ: وَجْهَيْنِ فِي أَنَّهُ يَكُونُ قَضَاءً أَوْ أَدَاءً أَصَحُّهُمَا، قَضَاءٌ، وَهُوَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ اعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَإِنْ أَرَادَ الْقَاضِي وُجُوبَ نِيَّةِ الْقَضَاءِ فَبَعِيدٌ، لِوُقُوعِهَا فِي الْوَقْتِ، وَيَلْزَمُهُ لَوْ اعْتَقَدَ انْقِضَاءَ الْوَقْتِ قَبْلَ الْوَقْتِ أَنَّهُ يُعْصَى بِالتَّأْخِيرِ وَقَدْ يَلْتَزِمُهُمَا.