وَمِنْهَا: حَيْثُ قُلْنَا: لِلْقَاضِي قَبُولُ الْهَدِيَّةِ وَلَمْ نُحَرِّمْهَا، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُهَا، وَفِيهِ وَجْهٌ قَوِيٌّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا، ثُمَّ صَحَّحُوا أَنَّهَا تُرَدُّ إلَى صَاحِبِهَا، وَالظَّاهِرُ: أَنَّهَا تُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَا تُرَدُّ إلَيْهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِنَا ذَكَرُوا الْمَسْأَلَةَ هَكَذَا وَنَصَبُوا الْخِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ، وَابْنُ بَرْهَانٍ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَسُلَيْمٌ الرَّازِيَّ فِي " التَّقْرِيبِ "، وَأَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ شَمْسَ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيَّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ إنَّمَا حَكَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيَّ، ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي: أَنَّ مُطْلَقَ الْأَمْرِ كَمَا يُثْبِتُ صِفَةَ الْجَوَازِ وَالْحَسَنِ شَرْعًا يُثْبِتُ انْتِفَاءَ صِفَةِ الْكَرَاهَةِ. وَقَالَ الْمَازِرِيُ: اخْتَارَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ كَوْنَهُ لَا يَتَنَاوَلُ الْمَكْرُوهَ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَقَالَ: وَهُوَ كَمَسْأَلَةِ الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ فِي تَضَمُّنِ الْوُجُوبِ لِلْجَوَازِ حَتَّى إذَا نُسِخَ هَلْ يَبْقَى الْجَوَازُ؟ قُلْتُ: فَيُقَالُ هُنَا: إذَا نُسِخَ الْأَمْرُ هَلْ يَبْقَى الْمَكْرُوهُ أَمْ لَا؟ يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ.