أَحَدُهَا: أَنَّ أُصُولَ الْفِقْهِ ثَابِتٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ تِلْكَ الْأَدِلَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الشَّخْصُ. وَثَانِيهَا: أَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ يَجْعَلُونَ أُصُولَ الْفِقْهِ لِلْمَعْلُومِ، فَيَقُولُونَ: هَذَا كِتَابُ أُصُولِ الْفِقْهِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْأُصُولَ فِي اللُّغَةِ الْأَدِلَّةُ فَجَعَلَهُ اصْطِلَاحًا نَفْسَ الْأَدِلَّةِ أَقْرَبُ إلَى الْمَدْلُولِ اللُّغَوِيِّ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْفِقْهِ فَإِنَّهُ اسْمٌ لِلْعِلْمِ كَمَا سَبَقَ. وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَتَوَارَدُوا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ اللَّقَبِيَّ، وَهُوَ كَوْنُهُ عِلْمًا عَلَى هَذَا الْفَنِّ حَدَّهُ بِالْعِلْمِ، وَمَنْ أَرَادَ الْإِضَافِيَّ حَدَّهُ بِنَفْسِ الْأَدِلَّةِ، وَلِهَذَا لَمَّا جَمَعَ ابْنُ الْحَاجِبِ بَيْنَهُمَا عَرَّفَ اللَّقَبِيَّ بِالْعِلْمِ، وَالْإِضَافِيَّ بِالْأَدِلَّةِ. نَعَمْ: الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ عَرَّفَ اللَّقَبِيَّ بِالْأَدِلَّةِ، يَجِبُ تَأْوِيلُهُ عَلَى إرَادَةِ الْعِلْمِ بِهَا. ثُمَّ الْمُرَادُ بِالْأَدِلَّةِ: الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَالْقِيَاسُ، وَالِاسْتِدْلَالُ. وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ: هِيَ ثَلَاثَةٌ: الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَمَنَعَا أَنْ تَكُونَ الْقَوَانِينُ الْكُلِّيَّةُ الظَّنِّيَّةُ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ ": الَّذِي ارْتَضَاهُ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّ مَا لَا يَنْبَغِي فِيهِ الْعِلْمُ كَأَخْبَارِ الْآحَادِ وَالْمَقَايِيسِ لَا يُعَدُّ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ. فَإِنْ قِيلَ: فَأَخْبَارُ الْآحَادِ وَالْمَقَايِيسُ لَا تُفْضِي إلَى الْعُلُومِ، وَهِيَ مِنْ