مُخَالِفًا لِأَمْرِ اللَّهِ. وَلَا اشْتِرَاطَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مِمَّا يُنْقَضُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي، بَلْ إذَا كَانَ مُخَالِفًا لِظَاهِرِ النُّصُوصِ بِحَيْثُ يَكُونُ التَّأْوِيلُ مُسْتَكْرَهًا، فَيَكْفِي فِي ذَلِكَ عَدَمُ جَوَازِ التَّقْلِيدِ لِقَائِلِ الْقَوْلِ الْمُخَالِفِ لِذَلِكَ الظَّاهِرِ. انْتَهَى. وَنَقَلَ الْقَرَافِيُّ عَنْ الزَّنَاتِيِّ مِنْ أَصْحَابِهِمْ الْجَوَازَ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ: (أَحَدُهَا) أَنْ لَا يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى صُورَةٍ تُخَالِفُ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ، كَمَنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ صَدَاقٍ وَلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ. وَ (الثَّانِي) أَنْ يَعْتَقِدَ فِيمَنْ يُقَلِّدُهُ الْفَضْلَ بِوُصُولِ أَخْبَارِهِ إلَيْهِ وَلَا يُقَلِّدُهُ فِي عَمَلِهِ. وَ (الثَّالِثَةُ) أَنْ لَا يَتَّبِعَ رُخَصَ الْمَذَاهِبِ. قَالَ: وَالْمَذَاهِبُ كُلُّهَا مَسْلَكٌ إلَى الْجَنَّةِ، وَطُرُقٌ إلَى الْخَيْرَاتِ، فَمَنْ سَلَكَ مِنْهَا طَرِيقًا وَصَّلَهُ. انْتَهَى.
وَحَكَى بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ هَذَا الْخِلَافَ فِي أَنَّ الْأَوْلَى الْأَخْذُ بِالْأَخَفِّ أَوْ الْأَثْقَلِ. ثُمَّ قَالَ: وَالْأَوْلَى أَنَّ مَنْ بُلِيَ بِوَسْوَاسٍ أَوْ شَكٍّ أَوْ قُنُوطٍ فَالْأَوْلَى أَخْذُهُ بِالْأَخَفِّ وَالْإِبَاحَةِ وَالرُّخَصِ، لِئَلَّا يَزْدَادَ مَا بِهِ وَيَخْرُجَ عَنْ الشَّرْعِ، وَمَنْ كَانَ قَلِيلَ الدِّينِ كَثِيرَ التَّسَاهُلِ أَخَذَ بِالْأَثْقَلِ وَالْعَزِيمَةِ لِئَلَّا يَزْدَادَ مَا بِهِ، فَيَخْرُجَ إلَى الْإِبَاحَةِ. وَمَرَّ بِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ سُئِلَ عَمَّنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَلَّا يَتَزَوَّجَ ثُمَّ بَدَا لَهُ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ لَهُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ يَرَى هَذَا الْقَوْلَ حَقًّا أَنْ يُبْتَلَى بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَنَعَمْ، إلَّا فَلَا. وَمَا أَحْسَنَ هَذَا الْجَوَابَ مِنْ مُتَوَرِّعٍ، وَقَسَّمَ بَعْضُهُمْ الْمُلْتَزِمَ لِمَذْهَبٍ إذَا أَرَادَ تَقْلِيدَ غَيْرِهِ إلَى أَحْوَالٍ: (إحْدَاهَا) : أَنْ يَعْتَقِدَ - بِحَسَبِ حَالِهِ - رُجْحَانَ مَذْهَبِ ذَلِكَ الْغَيْرِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، فَيَجُوزُ اتِّبَاعًا لِلرَّاجِحِ فِي ظَنِّهِ. (الثَّانِيَةُ) أَنْ يَعْتَقِدَ مَذْهَبَ إمَامِهِ، أَوْ لَا يَعْتَقِدَ رُجْحَانًا أَصْلًا، لَكِنْ