الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي التَّعَارُضِ وَالنَّظَرِ فِي حَقِيقَتِهِ وَشُرُوطِهِ، وَأَقْسَامِهِ، وَأَحْكَامِهِ أَمَّا حَقِيقَتُهُ: فَهُوَ تَفَاعُلٌ مِنْ الْعُرْضِ (بِضَمِّ الْعَيْنِ) وَهُوَ النَّاحِيَةُ وَالْجِهَةُ وَكَأَنَّ الْكَلَامَ الْمُتَعَارِضَ يَقِفُ بَعْضُهُ فِي عُرْضِ بَعْضٍ، أَيْ: نَاحِيَتِهِ وَجِهَتِهِ، فَيَمْنَعُهُ مِنْ النُّفُوذِ إلَى حَيْثُ وُجِّهَ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ: تَقَابُلُ الدَّلِيلَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْمُمَانَعَةِ.
أَمَّا شُرُوطُهُ (فَمِنْهَا) : التَّسَاوِي فِي الثُّبُوتِ، فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْكِتَابِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ إلَّا مِنْ حَيْثُ الدَّلَالَةُ (وَمِنْهَا) : التَّسَاوِي فِي الْقُوَّةِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْمُتَوَاتِرِ وَالْآحَادِ، بَلْ يُقَدَّمُ الْمُتَوَاتِرُ بِالِاتِّفَاقِ، كَذَا نَقَلَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ كَجٍّ فِي كِتَابِهِ: إذَا وَرَدَ خَبَرَانِ أَحَدُهُمَا مُتَوَاتِرٌ وَالْآخَرُ آحَادٌ، أَوْ آيَةٌ وَخَبَرٌ، وَلَمْ يُمْكِنْ اسْتِعْمَالُهُمَا، وَكَانَا يُوجِبَانِ الْعَمَلَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: يَتَعَارَضَانِ وَيَرْجِعُ إلَى غَيْرِهِمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي لُزُومِ الْحُجَّةِ لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا، فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا مَزِيَّةٌ عَلَى الْآخَرِ وَحَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي تَعَارُضِ الظَّاهِرِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَذَاهِبَ: أَحَدُهَا: يُقَدَّمُ الْكِتَابُ لِخَبَرِ مُعَاذٍ.