قَوْلًا بِالْمُوجَبِ، لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَظْهَرَ عُذْرٌ لِلْمُسْتَدِلِّ فِي الْغَلَطِ، فَتَمَامُ الْحَدِّ أَنْ يُقَالَ: هُوَ تَسْلِيمُ نَقِيضِ الدَّلِيلِ مَعَ بَقَاءِ النِّزَاعِ حَيْثُ يَكُونُ لِلْمُسْتَدِلِّ عُذْرٌ مُعْتَبَرٌ. انْتَهَى.
وَكَانَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ الْقَرَمِيسِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الْأُصُولِ وَالْجَدَلِ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ يَذْهَبُ إلَى أَنَّهُ تَقْرِيرُ التَّسْلِيمِ وَلَيْسَ بِتَسْلِيمٍ حَقِيقَةً. وَحَقِيقَتُهُ بَيَانُ انْحِرَافِ الدَّلِيلِ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِانْقِطَاعُ، بَلْ إنْ ثَبَتَ انْحِرَافُ الدَّلِيلِ فَقَدْ انْقَطَعَ الْمُسْتَدِلُّ، وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ غَيْرُ مُنْحَرِفٍ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمُعْتَرِضُ، بَلْ يَنْزِلُ عَلَى أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ النِّزَاعِ وَيُورِدُ عَلَيْهِ مَا يَلِيقُ بِهِ وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فَرْعَانِ:
(أَحَدُهُمَا) : أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ تَأْخِيرُ الْقَوْلِ بِالْمُوجَبِ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَسْئِلَةِ؟
(الثَّانِي) : أَنَّهُ حَيْثُ لَزِمَ فَهَلْ هُوَ انْقِطَاعٌ؟ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَإِذَا سَلَّمَ الْمُعْتَرِضُ ذَلِكَ حَقِيقَةً وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَقَدْ سَلَّمَ الْمَسْأَلَةَ وَكَانَ مُنْقَطِعًا. وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي: إنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ انْحِرَافِ الدَّلِيلِ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ وَأَنَّهُ بَيَّنَ ذَلِكَ بِأَنْ سَلَّمَ مَدْلُولَ الدَّلِيلِ تَقْدِيرًا لَا تَحْقِيقًا مَعَ بَقَاءِ النِّزَاعِ، فَعَلَى هَذَا إنْ لَزِمَ ذَلِكَ فَقَدْ انْقَطَعَ الْمُسْتَدِلُّ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ لَمْ يُحْكَمْ بِانْقِطَاعِ الْمُعْتَرِضِ. بَلْ لَهُ أَنْ يُورِدَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا شَاءَ مِنْ الْأَسْئِلَةِ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي كَانَ يَخْتَارُهُ الْقَرَمِيسِيُّ
وَمِنْ أَعْذَارِهِ: أَنْ يَبْنِي الْمُسْتَدِلُّ عَلَى أَنَّ الْخَصْمَ يُوَافِقُ عَلَى الْمُقْتَضِي، وَإِنَّمَا يَمْنَعُهُ مِنْ