الْفَهْمُ، لِأَنَّهُ فَسَّرَ الْفَهْمَ بِمَعْرِفَةِ الشَّيْءِ بِالْقَلْبِ، وَمَعْرِفَةُ الشَّيْءِ بِالْقَلْبِ هُوَ الْعِلْمُ بِهِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْأَزْهَرِيِّ: فَهِمْت الشَّيْءَ عَقَلْته وَعَرَفْته، وَأَصْرَحُ مِنْهُ قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ: فَهِمْت الشَّيْءَ فَهْمًا عَلِمْته. وَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ الْفَهْمَ الْمُفَسَّرَ بِهِ الْفِقْهُ لَيْسَ فَهْمَ الْمَعْنَى مِنْ اللَّفْظِ، وَلَا فَهْمَ غَرَضِ الْمُتَكَلِّمِ. وَنُقِلَ الْفِقْهُ إلَى عِلْمِ الْفُرُوعِ بِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ سِيدَهْ حَيْثُ قَالَ: غَلَبَ عَلَى عِلْمِ الدِّينِ لِسِيَادَتِهِ وَشَرَفِهِ كَالنَّجْمِ عَلَى الثُّرَيَّا، وَالْعُودِ عَلَى الْمِنْدَلِ. قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ: وَقِيلَ: حَدُّهُ فِي اللُّغَةِ الْعِبَارَةُ عَنْ كُلِّ مَعْلُومٍ تَيَقَّنَهُ الْعَالَمُ بِهِ عَنْ فِكْرٍ. وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي الْمُعْتَمَدِ "، وَتَبِعَهُ فِي الْمَحْصُولِ ": فَهْمُ غَرَضُ الْمُتَكَلِّمِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُوصَفُ بِالْفَهْمِ حَيْثُ لَا كَلَامَ، وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْيِ الْفِقْهِ عَنْهُمْ مَنْقَصَةٌ وَلَا تَعْيِيرٌ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44] .