فَالْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ: مُسَاوَاةُ فَرْعٍ لِأَصْلٍ فِي عِلَّةِ الْحُكْمِ، أَوْ زِيَادَتُهُ عَلَيْهِ فِي الْمَعْنَى الْمُعْتَبَرِ فِي الْحُكْمِ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ فَلَا بُدَّ مِنْ حُكْمٍ مَطْلُوبٍ بِهِ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَحَلٍّ يَقُومُ بِهِ وَهُوَ الْفَرْعُ؛ وَذَلِكَ لِثُبُوتِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَهُوَ الْأَصْلُ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ بَيْنَ كُلِّ شَيْئَيْنِ، بَلْ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا أَمْرٌ يُوجِبُ الِاشْتِرَاكَ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمُسَاوَاةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. فَيَخْتَصُّ الْحَدُّ بِالْقِيَاسِ الصَّحِيحِ. هَذَا عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ. أَمَّا الْقَائِلُونَ بِأَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُزَادَ " فِي نَظَرِ الْمُجْتَهِدِ " سَوَاءٌ ثَبَتَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَمْ لَا، كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ. وَالْحَقُّ، أَنَّ التَّعْرِيفَ الْمَذْكُورَ شَامِلٌ لِلْقِيَاسِ الصَّحِيحِ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ، لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ الْمَذْكُورَةَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِي نَظَرِ الْمُجْتَهِدِ أَمْ لَا. وَقِيلَ: إدْرَاجُ خُصُوصٍ فِي عُمُومٍ. وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُ الْجَدَلِيِّينَ. وَقِيلَ: إنَّهُ إلْحَاقُ الْمَسْكُوتِ بِالْمَنْطُوقِ، وَقِيلَ: إلْحَاقُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: اسْتِنْبَاطُ الْخَفِيِّ مِنْ الْجَلِيِّ، وَقِيلَ: حَمْلُ الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ بِبَعْضِ أَوْصَافِ الْأَصْلِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ. وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: رَدُّ فَرْعٍ مَسْكُوتٍ عَنْهُ وَعَنْ حُكْمِهِ إلَى أَصْلٍ مَنْطُوقٍ بِحُكْمِهِ، وَقِيلَ: الْجَمْعُ بَيْنَ النَّظَرَيْنِ وَإِجْرَاءُ حُكْمِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَقِيلَ: إنَّهُ بَذْلُ الْجُهْدَ فِي طَلَبِ الْحَقِّ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِاسْتِخْرَاجِ الْحَقِّ بِالنُّصُوصِ وَالظَّوَاهِرِ. وَقَالَ أَبُو هَاشِمٍ: حَمْلُ الشَّيْءِ عَلَى حُكْمِهِ وَإِجْرَاءُ حُكْمِهِ عَلَيْهِ. وَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْجَامِعَ. وَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ: