يَسْتَوِي الشَّاهِدُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ مَا إذَا شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُمَا مِنْ الدَّيْنِ مَا يَلْزَمُ الْجَاحِدَ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي الْأَخْبَارِ مَنْ يَخْتَصُّ بِهِ غَيْرُهُ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الرَّاوِي بِهِ شَيْءٌ، وَلَكِنْ أَرَادَ الشَّافِعِيُّ بِمَا قَالَهُ الْغَالِبَ مِنْ أَمْرِهِمَا، فَإِنَّ الْغَالِبَ مِنْ الشَّهَادَةِ أَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَدْخُلُ فِيمَا يَجِبُ لَهُ، وَالْغَالِبُ مِنْ الْخَبَرِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِوَاءُ الْمُخْبِرِ، وَسَائِرِ النَّاسِ فِيهِ. انْتَهَى.
[مَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الرِّوَايَةُ وَالشَّهَادَةُ] وَأَمَّا مَا يَخْتَلِفَانِ فِيهِ مِنْ الْأَحْكَامِ فَكَثِيرٌ: أَحَدُهَا: عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةَ فِي الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ. وَثَانِيهَا: أَنَّ التَّزْكِيَةَ فِي الشَّهَادَةِ لَا تَكُونُ إلَّا بِاثْنَيْنِ، وَيُكْتَفَى فِي التَّعْدِيلِ فِي الرِّوَايَةِ بِوَاحِدٍ. وَثَالِثُهَا: عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِي الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ. وَرَابِعُهَا: اشْتِرَاطُ الْبَصَرِ، وَعَدَمِ الْقَرَابَةِ وَالْعَدَاوَةِ فِي الشَّهَادَةِ، دُونَ الرِّوَايَةِ وَقَدْ قَبِلَتْ الصَّحَابَةُ خَبَرَ عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - فِي الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ. وَخَامِسُهَا: مَنْ كَذَبَ ثُمَّ تَابَ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَمَنْ كَذَبَ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ تَابَ لَمْ يُقْبَلْ حَدِيثُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ وَوَافَقَهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ، وَابْنُ الْقَطَّانِ، وَالْقَفَّالُ، وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، خِلَافًا لِلنَّوَوِيِّ كَمَا سَبَقَ. وَسَادِسُهَا: أَنَّ الرَّاوِيَ إذَا كَذَبَ فِي حَدِيثٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُدَّتْ جَمِيعُ أَحَادِيثِهِ السَّالِفَةِ، وَوَجَبَ نَقْضُ مَا عُمِلَ بِهِ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يُنْقَضْ الْحُكْمُ