وَأَمَّا تَعْيِينُ الرَّجْمِ مِنْ عُمُومِ ذَلِكَ الْعَذَابِ، وَتَفْسِيرُ هَذَا الْمُجْمَلِ فَهُوَ مُبَيَّنٌ بِحُكْمِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ، وَبِأَمْرِهِ بِهِ، وَمَوْجُودٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] . وَقَوْلُهُ: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] وَهَكَذَا جَمِيعُ قَضَائِهِ وَحُكْمِهِ. وَإِنَّمَا يُدْرِكُ الطَّالِبُ مِنْ ذَلِكَ بِقَدْرِ اجْتِهَادِهِ وَبَذْلِ وُسْعِهِ، وَيَبْلُغُ مِنْهُ الرَّاغِبُ فِيهِ حَيْثُ بَلَّغَهُ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ لِأَنَّهُ وَاهِبُ النِّعَمِ. قَالَ: وَقَدْ نَبَّهَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى هَذَا الْمَطْلَبِ بِمَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ خِطَابِهِ. مِنْهَا قَوْلُهُ عَنْ الْجَنَّةِ: «فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، بَلْهَ مَا أَطْلَعَكُمْ اللَّهُ عَلَيْهِ» ، ثُمَّ قَالَ: اقْرَءُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17] وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَهُوَ يَعْمَلُ لَهَا، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَهُوَ يَعْمَلُ لَهَا» ، ثُمَّ قَرَأَ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} [الليل: 5] {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} [الليل: 6] {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل: 7] {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} [الليل: 8] {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} [الليل: 9] {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 10] . وَمِنْهَا قَوْلُهُ: «إنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا» ، ثُمَّ قَالَ: اقْرَءُوا إنْ شِئْتُمْ: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: 30] فَأَعْلَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَوَاضِعِ حَدِيثِهِ مِنْ الْقُرْآنِ، وَنَبَّهَهُمْ عَلَى مِصْدَاقِ خِطَابِهِ مِنْ الْكِتَابِ؛ لِيَسْتَخْرِجَ عُلَمَاءُ أُمَّتِهِ مَعَانِيَ حَدِيثِهِ مِنْهُ، طَلَبًا لِلْيَقِينِ وَحِرْصًا مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى أَنْ يُزِيلَ عَنْهُمْ الِارْتِيَابَ، وَأَنْ يَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ.