بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: 34] فَذَكَرَ السُّنَّةَ بِلَفْظِ التِّلَاوَةِ كَالْقُرْآنِ، وَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ آتَاهُ مَعَ الْكِتَابِ غَيْرَ الْكِتَابِ، وَهُوَ مَا سَنَّهُ عَلَى لِسَانِهِ مِمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ فِيهِ، وَلِهَذَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَا إنِّي قَدْ أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّهُ قَالَ: «دَخَلَ يَوْمَ خَيْبَرَ لَمَّا حَرَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ» . قَالَ الْحَافِظُ الدَّارِمِيُّ: يَقُولُ: «أُوتِيتُ الْقُرْآنَ، وَأُوتِيتُ مِثْلَهُ» مِنْ السُّنَنِ الَّتِي لَمْ يَنْطِقْ بِهَا الْقُرْآنُ بِنَصِّهِ، وَمَا هِيَ إلَّا مُفَسِّرَةٌ لِإِرَادَةِ اللَّهِ بِهِ، كَتَحْرِيمِ لَحْمِ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ، وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَلَيْسَا بِمَنْصُوصَيْنِ فِي الْكِتَابِ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ مِنْ طَرِيقِ ثَوْبَانَ فِي الْأَمْرِ بِعَرْضِ الْأَحَادِيثِ عَلَى الْقُرْآنِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " الرِّسَالَةِ ": مَا رَوَاهُ أَحَدٌ ثَبَتَ حَدِيثُهُ فِي شَيْءٍ صَغِيرٍ وَلَا كَبِيرٍ، وَقَدْ حَكَمَ إمَامُ الْحَدِيثِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ بِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ، وَضَعَتْهُ الزَّنَادِقَةُ.