[الْكِتَابُ الثَّانِي] مَبَاحِثُ السُّنَّةِ [تَعْرِيفُ السُّنَّةِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا] . السُّنَّةُ لُغَةً: الطَّرِيقَةُ الْمَسْلُوكَةُ، وَأَصْلُهَا مِنْ قَوْلِهِمْ: سَنَنْت الشَّيْءَ بِالْمِسَنِّ إذَا أَمْرَرْته عَلَيْهِ، حَتَّى يُؤَثِّرَ فِيهِ سُنَنًا أَيْ طَرَائِقَ. وَقَالَ إلْكِيَا: مَعْنَاهَا الدَّوَامُ. فَقَوْلُنَا: سُنَّةٌ مَعْنَاهُ الْأَمْرُ بِإِدَامَتِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ: سَنَنْت الْمَاءَ إذَا وَالَيْت فِي صَبِّهِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَصْلُهَا الطَّرِيقَةُ الْمَحْمُودَةُ، فَإِذَا أُطْلِقَتْ انْصَرَفَتْ إلَيْهَا، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مُقَيَّدَةً، كَقَوْلِهِمْ: مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً، وَتُطْلَقُ عَلَى الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ فِي عُرْفِ اللُّغَوِيِّينَ وَالْمُحَدِّثِينَ، وَأَمَّا فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّمَا يُطْلِقُونَهَا عَلَى مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَأَطْلَقَهَا بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ هُنَا عَلَى الْوَاجِبِ، وَالْمَنْدُوبِ، وَالْمُبَاحِ، وَتُطْلَقُ فِي مُقَابَلَةِ الْبِدْعَةِ، كَقَوْلِهِمْ: فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي فِقْهِ الْعَرَبِيَّةِ: وَكَرِهَ الْعُلَمَاءُ قَوْلَ مَنْ قَالَ: سُنَّةُ