الشَّرْعِيُّ نَاسِخًا لِلْمُعْتَادِ، كَخَبَرِ مَسِّ الْفَرْجِ. ذَكَرَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ، وَمَنَعَهُ الْقَاضِي، وَالْغَزَالِيُّ. لِأَنَّهُ يَجُوزُ وُرُودُ الشَّرْعِ بِتَقْرِيرِ الْوَصْفِ، ثُمَّ يَرِدُ نَسْخُهُ، وَرَدُّهُ إلَى مَا كَانَ فِي الْعَقْلِ، فَإِنَّ الْمُوَافِقَ لِلْعَقْلِ لَمْ يَرِدْ بَعْدَ نَقْلِ حُكْمِهِ.
وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي " الْحَاوِي ": دَلَائِلُ النَّسْخِ يُقَدَّمُ أَحَدُهَا عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ جُهِلَ عُدِلَ إلَى الثَّانِي وَهُوَ بَيَانُ الرَّسُولِ، فَإِنْ ثَبَتَ عَنْهُ عُمِلَ بِهِ، وَكَانَتْ السُّنَّةُ مُبَيِّنَةً لَا نَاسِخَةً، فَإِنْ عُدِمَ عُدِلَ إلَى الثَّالِثِ، وَهُوَ الْإِجْمَاعُ، فَإِنْ فُقِدَ عُدِلَ إلَى الرَّابِعِ، وَهُوَ الِاسْتِعْمَالُ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْتَعْمَلًا وَالْآخَرُ مَتْرُوكًا، كَانَ الْمُسْتَعْمَلُ نَاسِخًا، وَالْمَتْرُوكُ مَنْسُوخًا، فَإِنْ فُقِدَ عُدِلَ إلَى الْخَامِسِ، وَهُوَ التَّرْجِيحُ بِشَوَاهِدِ الْأُصُولِ وَالْأَدِلَّةِ وَكَانَ غَايَةُ الْعَمَلِ بِهِ.
وَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّابِعِ يُنَازِعُهُ قَوْلُ الصَّيْرَفِيِّ: إذَا وُجِدَ حُكْمَانِ مُتَمَاثِلَانِ، وَأَحَدُهُمَا مَنْسُوخٌ لَمْ يُحْكَمْ بِأَنَّ السَّابِقَ مِنْهُمَا نُسِخَ بِالْآخَرِ، وَذَلِكَ كَصَوْمِ عَاشُورَاءَ مَعَ صَوْمِ رَمَضَانَ، جَاءَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ فَرْضُ رَمَضَانَ نُسِخَ صَوْمُ عَاشُورَاءَ، فَنَقُولُ: اتَّفَقَ نَسْخُهُ عِنْدَ ثُبُوتِ فَرْضِ رَمَضَانَ، لَا أَنَّهُ نَسَخَهُ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لَهُ، وَحَكَاهُ سُلَيْمٌ أَيْضًا.
ِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَالْوَجْهُ التَّوَقُّفُ إلَى التَّبَيُّنِ بِهِ، وَلَا يُتَخَيَّرُ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: إنْ عُلِمَ اقْتِرَانُهُمَا مَعَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَعِنْدِي أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُتَصَوَّرِ الْوُقُوعِ، وَإِنْ جَوَّزَهُ قَوْمٌ، وَبِتَقْدِيرِ وُقُوعِهِ، فَالْوَاجِبُ إمَّا الْوُقُوفُ عَنْ الْعَمَلِ بِأَحَدِهِمَا أَوْ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا إنْ أَمْكَنَ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.