فِي تِلْكَ السُّنَّةِ نَسْخَهَا أَوْ مَخْرَجًا إلَى سَعَةٍ] مِنْهَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةً تَقُومُ الْحُجَّةُ عَلَى النَّاسِ بِهَا، حَتَّى [يَكُونُوا] إنَّمَا صَارُوا مِنْ سُنَّتِهِ إلَى سُنَّتِهِ الَّتِي بَعْدَهَا، فَنَسَخَ اللَّهُ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا فِي الْخَوْفِ إلَى أَنْ يُصَلُّوهَا كَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَقْتِهَا، وَنَسَخَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[سُنَّتَهُ] فِي تَأْخِيرِهَا بِفَرْضِ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ ثُمَّ سُنَّتِهِ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَقْتِهَا كَمَا وَصَفْت. انْتَهَى.

وَمِنْ صَدْرِ هَذَا الْكَلَامِ أُخِذَ مِنْ قَبْلُ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تُنْسَخُ بِالْكِتَابِ، وَلَوْ تَأَمَّلَ عَقِبَ كَلَامِهِ بَانَ لَهُ غَلَطُ هَذَا الْفَهْمِ. وَإِنَّمَا مُرَادُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الرَّسُولَ إذَا سَنَّ سُنَّةً ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَا يَنْسَخُ ذَلِكَ الْحُكْمَ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَسُنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةً أُخْرَى مُوَافِقَةً لِلْكِتَابِ تَنْسَخُ سُنَّتَهُ الْأُولَى، لِتَقُومَ الْحُجَّةُ عَلَى النَّاسِ فِي كُلِّ حُكْمٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ جَمِيعًا، وَلَا تَكُونُ سُنَّةً مُنْفَرِدَةً تُخَالِفُ الْكِتَابَ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْدَثَ إلَى آخِرِهِ، صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ مَا بَعْدَهُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَشْتَرِطُ لِوُقُوعِ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ سُنَّةً مُعَاضِدَةً لِلْكِتَابِ نَاسِخَةً، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا تُنْسَخُ السُّنَّةُ إلَّا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَعًا، لِتَقُومَ الْحُجَّةُ عَلَى النَّاسِ بِالْأَمْرَيْنِ مَعًا، وَلِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ انْفِرَادَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ، فَإِنَّ الْكُلَّ مِنْ اللَّهِ. وَالْأُصُولِيُّونَ لَمْ يَقِفُوا عَلَى مُرَادِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا أَدَبٌ عَظِيمٌ مِنْ الشَّافِعِيِّ وَلَيْسَ مُرَادُهُ إلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ. فَإِنْ قِيلَ: يَرِدُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ الْمُنْفَرِدُ بِلَا سُنَّةٍ، وَالسُّنَّةُ الْمُنْفَرِدَةُ بِلَا كِتَابٍ. قِيلَ: الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ قَائِمَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ جَمِيعًا.

أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِتَبْلِيغِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْعِلْمِ بِاتِّبَاعِهِ لَهُ، مَا تَوَاتَرَ عَنْهُ مِنْ الْأَمْرِ بِطَاعَةِ اللَّهِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِقَوْلِهِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ} [الحشر: 7] ، فَاجْتَمَعَ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ دَلِيلَانِ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا حَاصِلٌ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا نَاسِخًا لِلْآخَرِ. قِيلَ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015