قَالَ: وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: النَّسْخُ لَا يَجْرِي فِيمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ، وَأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى، لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى الْكَذِبِ وَالْخُلْفِ، وَيَجْرِي عِنْدَ بَعْضِهِمْ فِيمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ، لِجَوَازِ تَعْلِيقِهِ بِشَرْطٍ، بِخِلَافِ إخْبَارِهِ عَمَّا فَعَلَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ دُخُولُ الشَّرْطِ فِيهِ وَهَذَا أَصَحُّ الْوُجُوهِ، وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَ ابْنُ عُمَرَ الْآيَةَ، وَيَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى الْعَفْوِ وَالتَّخْفِيفِ. وَلَيْسَ بِخُلْفٍ. وَقَالَ الصَّيْرَفِيُّ: فَإِنَّ سَبَّبَ عَلَى أَحَدِنَا إدْخَالَ الْوَعِيدِ فِي بَابِ الْأَخْبَارِ فَقَدْ وَهَمَ، لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَغْفِرُ مَا دُونَ الشِّرْكِ إنْ شَاءَ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَمَّا الْوَعِيدُ وَالْوَعْدُ، فَلَمَّا كَانَا مُعَلَّقِينَ عَلَى مَا يُجَوِّزُ النَّسْخَ وَالتَّبْدِيلَ جَازَ نَسْخُهُمَا. نَعَمْ، قَدْ وَرَدَ فِي الشَّرْعِ أَخْبَارٌ ظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقُ، وَقُيِّدَتْ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى كَقَوْلِهِ: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] . فَقَدْ جَاءَ تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ: {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} [الأنعام: 41] وَنَحْوِهِ. فَقَدْ يَظُنُّ مَنْ لَا بَصِيرَةَ لَهُ أَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ النَّسْخِ فِي الْأَخْبَارِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ.
وَقَالَ ابْنُ حَاتِمٍ الْأَزْدِيُّ فِي " اللَّامِعِ ": وَأَمَّا الْأَوْقَاتُ فَلَا تُنْسَخُ، لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ تَحْتَ قُدْرَةِ الْعِبَادِ. وَقَالَ شَارِحُهُ: وَهَذَا صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا نُؤْمَرُ أَنْ نُوقِعَ أَفْعَالَنَا فِي أَوْقَاتٍ تُعَيَّنُ لَهَا. .
ِ؟ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اللَّهُمَّ الْعَنْ أَبَا سُفْيَانَ، اللَّهُمَّ الْعَنْ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ الْعَنْ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ» قَالَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: وَهُمْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ، ثُمَّ أَسْلَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ صَاحِبُ " مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ ": وَهَذَا مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: